18 December 2007

خمس رسائل الى أمي





صباحُ الخيرِ يا حلوه..
صباحُ الخيرِ يا قدّيستي الحلوه
مضى عامانِ يا أمّي
على الولدِ الذي أبحر
برحلتهِ الخرافيّه
وخبّأَ في حقائبهِ
صباحَ بلادهِ الأخضر
وأنجمَها، وأنهُرها، وكلَّ شقيقها الأحمر
وخبّأ في ملابسهِ
قرابيناً منَ النعناعِ والزعتر
وليلكةً دمشقية..

أنا وحدي..
دخانُ سجائري يضجر
ومنّي مقعدي يضجر
وأحزاني عصافيرٌ..
تفتّشُ –بعدُ- عن بيدر
عرفتُ نساءَ أوروبا..
عرفتُ عواطفَ الإسمنتِ والخشبِ
عرفتُ حضارةَ التعبِ..
وطفتُ الهندَ، طفتُ السندَ، طفتُ العالمَ الأصفر
ولم أعثر..
على امرأةٍ تمشّطُ شعريَ الأشقر
وتحملُ في حقيبتها..
إليَّ عرائسَ السكّر
وتكسوني إذا أعرى
وتنشُلني إذا أعثَر
أيا أمي..
أيا أمي..
أنا الولدُ الذي أبحر
ولا زالت بخاطرهِ
تعيشُ عروسةُ السكّر

فكيفَ.. فكيفَ يا أمي
غدوتُ أباً..
ولم أكبر؟

صباحُ الخيرِ من مدريدَ
ما أخبارها الفلّة؟
بها أوصيكِ يا أمّاهُ..
تلكَ الطفلةُ الطفله
فقد كانت أحبَّ حبيبةٍ لأبي..
يدلّلها كطفلتهِ
ويدعوها إلى فنجانِ قهوتهِ
ويسقيها..
ويطعمها..
ويغمرها برحمتهِ..

.. وماتَ أبي
ولا زالت تعيشُ بحلمِ عودتهِ
وتبحثُ عنهُ في أرجاءِ غرفتهِ
وتسألُ عن عباءتهِ..
وتسألُ عن جريدتهِ..
وتسألُ –حينَ يأتي الصيفُ-
عن فيروزِ عينيه..
لتنثرَ فوقَ كفّيهِ..
دنانيراً منَ الذهبِ..

سلاماتٌ..
سلاماتٌ..
إلى بيتٍ سقانا الحبَّ والرحمة
إلى أزهاركِ البيضاءِ.. فرحةِ "ساحةِ النجمة"
إلى تختي..
إلى كتبي..
إلى أطفالِ حارتنا..
وحيطانٍ ملأناها..
بفوضى من كتابتنا..
إلى قططٍ كسولاتٍ
تنامُ على مشارقنا
وليلكةٍ معرشةٍ
على شبّاكِ جارتنا
مضى عامانِ.. يا أمي
ووجهُ دمشقَ،
عصفورٌ يخربشُ في جوانحنا
يعضُّ على ستائرنا..
وينقرنا..
برفقٍ من أصابعنا..

مضى عامانِ يا أمي
وليلُ دمشقَ
فلُّ دمشقَ
دورُ دمشقَ
تسكنُ في خواطرنا
مآذنها.. تضيءُ على مراكبنا
كأنَّ مآذنَ الأمويِّ..
قد زُرعت بداخلنا..
كأنَّ مشاتلَ التفاحِ..
تعبقُ في ضمائرنا
كأنَّ الضوءَ، والأحجارَ
جاءت كلّها معنا..

أتى أيلولُ يا أماهُ..
وجاء الحزنُ يحملُ لي هداياهُ
ويتركُ عندَ نافذتي
مدامعهُ وشكواهُ
أتى أيلولُ.. أينَ دمشقُ؟
أينَ أبي وعيناهُ
وأينَ حريرُ نظرتهِ؟
وأينَ عبيرُ قهوتهِ؟
سقى الرحمنُ مثواهُ..
وأينَ رحابُ منزلنا الكبيرِ..
وأين نُعماه؟
وأينَ مدارجُ الشمشيرِ..
تضحكُ في زواياهُ
وأينَ طفولتي فيهِ؟
أجرجرُ ذيلَ قطّتهِ
وآكلُ من عريشتهِ
وأقطفُ من بنفشاهُ

دمشقُ، دمشقُ..
يا شعراً
على حدقاتِ أعيننا كتبناهُ
ويا طفلاً جميلاً..
من ضفائرنا صلبناهُ
جثونا عند ركبتهِ..
وذبنا في محبّتهِ
إلى أن في محبتنا قتلناهُ...


.


نزار قباني

كل لحظة وأنتم أجمل


كل لحظة وأنتم أجمل
كل لحظة وأنتم
الى الله أقرب
ومع نفوسكم أصدق
كل لحظه وأنتم
مخلصين
أوفيا
وعيد سعيد عليكم

04 December 2007

الطريق ... 11



من أجمل العلاقات التبادلية بين البشر علاقة الصداقة المبنيه على الحب والتفاهم وكبداية لابد منها يذكر الحب حيث هو الأصل فى أى علاقه بين إثنين باختلاف درجته وقد كان أصل علاقتى بهذا الإنسان هو المحبه الخالصه التى أعلنها هو أولا وبدون أسباب منطقيه من وجهة نظري

فقط لا أذكر إلا أنه يحبني والغريب أننا لسنا أصدقاء دراسة أو رفقاء طالت بهم الرفقة سنينا إنها فقط شهور قليلة لكنها مثمرة الى أبعد حد
هذا هو م.ع إنسان مضمونه جميل يحمل قلبا مليئا بالمحبه تراه فتسعد لرؤيته فتحيتة لك إبتسامة ملؤها الصدق تراها فى عينيه قبل أن ترتسم على شفتيه مرح بطبعه دون مبالغة تلمس معه إطمئنانا جميلا وكأنه واحد من عائلتك فهو ودود وغير متكلف مقبل على الناس بدون ترفع أو غرور
رأيتة أول مرة فلمست بداخله طفل يدعوك لأن تداعبه وتمرح معه وتقدم له الحلوى فتتأرجح بين قلبيكما سعادة وفرحة
ولكني لا أجيد معاملة الأطفال لفترة طويله فقط هي ساعة أداعب فيها الصغيرة مريم ثم يفتر الإقبال على اللعب رويدا وأحتاج الى أن أعود لطاولتى لأفكر
وهكذا إنتقلت معه ببراعه من ساحة اللعب الى طاولة الحديث الأرقى وقد كانت إستجابته جيدة ومرضية
وكأني وجدت به ما افتقدته سنينا فقد اجتمعت فيه تركيبة رائعه فهو رجل يفكر بعقلية الرجال ويتعامل بمنطقهم ويفعل فعلهم تجده عندما تحتاجه بجوارك يدعمك ويواسيك ويفرح معك ويكون فى عونك ، وهو طفل يعبر لك عن محبته بأسلوب الأطفال الصريح المباشر وبضحكاتهم التلقائية البريئة النقية
عرف بذكائة كيف يحتفظ بي كصديق بمعرفته من أنا ؟ وماذا أريد ؟ فتعامل معي بالطريقة التى أحبها
السؤال هنا

لماذا حرص على صداقتى ؟ ولماذا يكن لي كل هذا الحب ؟ ماذا يجد معي وماذا أقدم أنا له يجعله يحرص على ؟
هو وحده من يستطيع الإجابه على هذا السؤال
على الرغم من قصر المدة التى جمعتنا سويا وقلة المواقف التى حدثت بيننا والأحاديث التى دارت على ألسنتنا إلا أنها جميعا ذكريات جميله كان من أمتعها على الإطلاق حديثنا سويا فى شرفة منزلهم الجميل بمن فيه وحديثنا الذى طال لساعات عنه وعني كتعارف تفصيلي بيننا جذب كل منا الى قلب أخيه وقربه الى روحه في ود صادق ومحبب وفى جو أضفى عليه بخفة ظلة مرحا وفرحا جميلين
كان يهتم بحديثي ويصغي إليه باهتمام كنت أنظر الى عينيه فاجدهما متحفزتين كطفلتين صغيرتين تتسابقان الى حضن أمهما بفرحة وشوق فلا أشعر إلا بنبضات المحبه تدق في قلبي إلى هذا الشخص الجميل
وتمر الأيام ويعرف كلانا حقائق كثيرة بعضها تركت فى النفوس مرارة لاتمحي بسهولة وبعضها علمنا ونبهنا الى مناطق الجمال فى شخصية كل منا
أحياها في عيني وأحييتها في عينه ورحم الله إمرئ عرف قدر نفسه
ورحم الله إمرئ لا يعرف أحد قدره
وأعاذنا الله من الكبر

كان الوقت بعد العصر حين كنت بزيارة لبيت جدتى رحمها الله وقتها إتصلت بي ن.ح وبصوت أرعبني قالت م. ع فى العناية المركذه لم أدري كيف إنتقلت في ثوان الى بيتنا وأرتديت ملابسي التى تركتها منذ ساعة تقريبا حين عودتى من الكورس ولا أشعر وقتها كيف قال من رأوني أعدو فى الطريق وأتسلق المواصلات كالقرود لأراه

كان همي أن أراه

وكان قلبي يكذب ماقيل ويطرده بقسوة

وكان الشيطان يشوش علي تفكيري ويعبث بظنوني فينقبض قلبي إنقباضة تخيف حتى وصلت الى المكان فانقبض قلبي أكثر فكم أكره هذا المكان وكم سبب لي متاعب لا أود ذكرها

كنت قلقا عليه أشد القلق أحاول أن أداري هذا عن عيون أمه وعن عيون من حولي من الرفاق وأتظاهر بعكسه تماما

وأكاد أتشابك مع من يقفون بالباب يمنعون الدخول

وأخيرا سمحو لنا بالدخول حين رأيته كعادته مبتسما داخلنى الإطمئنان وعدت أحمد الله مرارا

لا أعاد الله مثل هذا اليوم ولا أراني الله ذلك المكان الكريه مرة أخري



كم أفتقده الآن فى هذا المكان الموحش الكئيب بمن فيه وكم أحن لحديثه وكم أشتاق لرؤيته وحده نناجي الأحبه أو مع الرفاق نتبادل صدق العواطف النبيله الطاهرة الجميله
وتمر بنا الأيام ويلقى حبيبي أمله الجميل
حين أبلغني بما ينوي سعدت من كل قلبي حين سمعت الفرحة تغلف صوته وهو يخبرني وإستحضرت صورته فرأيت عينه ضاحكة فرحه كلها أمل جميل وتمنى طيب ، تمنيت لو كنت بجواره ساعتها لن يكون بوسعي سوى أن أحتضنه وأقبل جبينه وأمسح على رأسه محبة وفرحة
الإنتظار والقلق عشتهما معه وكأنى أنا الذى طلب من الوالى قربه وإلتمس من أميرة القصر الرضى
وحين جاء الإيذان بالقبول انزاحت عني كآبة كنت أعيش فيها بفعل الغربة فاندهش لتبدل حالى من رأوني وإستفهمو السبب فكان الرد فرحا لفرح حبيب تسعدني سعادته ويحزنني حزنه
ستمر الأيام وتعرف ياصديقي أن الله أراد لنا أن نلتقى قدرا وبيده أن يقرب من تغرب وغاب عن العيون لكنه ما غاب عن قلوب من أحبوه بصدق
...............
والآن إسمحلي أن أوجه لأميرتك بعض الكلمات
لأنى أعرف جيدا من سيكون لك رفيق العمر وصاحب الطريق وأعتقد الآن أنك أيضا تلمسين فيه ما ألمس من جمال ورقي
أدعوكي لأن تكوني له أما تحنو عليه كطفل
تخشى عليه من آلام الحياة ومنغصات العيش
تهون عليه أحمالا لا تطاق نلقاها فى حياتنا نحن الرجال
فليس بهين إطلاقا أن يتحمل شخص عبئا ومسئولية وواجبات تجبره أحيانا على تقبل مالا يقبل وتحمل مالا يرضى
رفقا به ولا تكوني أبدا عليه عبء بل كوني ملجأه ومخلصه من همومه
ذكريه دوما بربه وذكريه دوما بأنك تحبيه لا يكفي أن تترجميها كفعل دون أن تقال فلها على من يحب فعل السحر تدفعنا دوما لأن نكون أفضل لأن نتحمل لأن هناك من يستحق منا ذلك
هناك من يحبوننا لذلك نتحمل من أجلهم
وأخيرا حاولى أن تكوني له عوضا عن الصديق الذي يبث له بكاه وضحكاته
حاولى أن تكوني له الملاح

...................