09 October 2008

مــــــي


الظلال باتت أكثر انتشارا فأعطت قدرا من الحرية لسيرهما معا داخل الحديقة ولو أنها وإن لم تكن كذلك فستعبر اقدامهما الطرقات غير عابئة بتحري الظلال فهناك ظلال أهدأ وأطيب تداعب منطقتها النسمات الساحرة دونما انقطاع أو توقف موقعها قلبها المحب وقلبه السعيد .. أما سعادته فسرها لا يخفى عليه فمن هو ذاك الجاحد الحجري القلب الذي لا ينشرح له صدر وتبتسم له دنيا وتزغرد بقلبة أوتار السعادة وبجوارة مي
فمن هي مي ؟
إن قلنا عنه أنه مصر فهي نهر نيله المعطاء الساري والمتدفق في هدوئه البديع ومشيه الوئيد وخيره الوفير وأثره العظيم
وإن قلنا عنه أنه إنسان فهي قلبه الذي يضخ في أنحائه الحياة مع كل دقة ودفقه
وإن وصفناه ببستان فهي أجمل زهره في أجمل شجيرة في أجمل بقعة بأحلى بستان
وان كان أدبا فهي الشعر
وإن كان شعرا فهي أحلى قصائده
وإن كان قصيدة فهي أروع أبياتها جمالا وتعبيرا وحسا راقيا
وان كان بيتا فهي أرق لفظة وألطف كلمة
هي جوهر الجمال وكمال النقص بحياته
أما هو ....فهو مالم تكن هي.... فما هو إلا شجرة وافرة الظلال في بقعة من الأرض لا يمر بها إنسان أو هو كالزهرة الجميلة التى وضعت على قبر بدلا من أن تزين صدر عروس جميلة أو يستخلص منها عطرها الساحر
تناولت بخفة فراشة جميلة نجمة من سماء شجرة الياسمين الممتدة على السور حين سيرهما معا إلى جوارة تمنت لو قدمتها إليه وتمنى لو فعلت لكنها أخذت تداعب وريقاتها البيضاء بأصابعها الخمرية الصافية وبدت كمن تريد أن تهمس لها بشئ ما كمن تريد أن تبوح لها بأمر ما وتطلع إليها يرقب تلك الرقة وهذا التعبير الصامت الجميل ثم استوقفها قائلا
عندما كنت هناك كانت لدي صورة في الخيال وكنت أظن أن مابخيالي أجمل من الحقيقة وكان يداعبني الحلم فأعيش به باحساس متوهم وكنت أرى أن ذلك يسعدني لكني ماتخيلت أن الحقيقة أروع بكثير من الخيال وأنه مهما بلغت مبالغات الخيال ومهما طبعت على النفس من مسرات كاذبه فهى لا ترقى أبدا لمستوى الحقيقة حين تصير ملموسة ومشاهدة ومعاشة لحظة بلحظة وقد كنت يا مي أجمل طيف يداعب خيالي وقد كان لقاؤنا هذا واحدا من أحلى أحلامي لكني كنت واهم حين ظننت أن خيالى جميل فما من جمال كمثل طلعة محياك على مقربة من عين قلبي وما من حلاوة كمثل حلاوة الاحساس بقربك
كان يحدثها همسا وكأنه يحادث نفسه أو كأنه يريد ذلك ليتخلص من حيائة وخجلة وكانت كمن تحلق حوله فراشة ترقص على نغمات الهمس النسيمي
وكان صمتها وحزنها الذي يعاند تلك الفرحة الزاحفه كالشمس المشرقة على صفحة ماء بحيرة عذبة يقف أمامه كمحدث له بلغة لا يجيدها فهو يلتقط بعضا منه مفسرا بشك في الصحه ويجهل البعض حزينا على عجزه عن فهمه واستيعابه فأعاد أمامه ذلك شريط الذكريات الصامته التي جاهد بعناء فيها احساسه المتعب واستجدائه لليأس هروبا إلى راحته المميته في لحظات ضعفه الكثيرة وحزنه العميق
كان يحس أحيانا أنها تريده ألا يصمت فاليقل أحلى ماعنده وليجتهد في الوصول باختيار انسب واجمل وأطول الطرق وكان أحيانا ينساق لرغبتها رغما عنه وحينها تخفت الآلام ولربما سعدت بذلك أو استلذت به وكان هو من يعاني ألما من نوع خاص يجده حين يفكر بأنه يعطي ويعطي ويعطي دون أن ينال شيئا فتصيبة لعنة احساس بالاهانة كمن في بلاط الملكات يطلب ويستجدي ويقدم القرابين و تظن الجالسة على العرش أن في السماح له بالوقوف على الباب منتهى الرحمة أو هو عين العدل بل عين الكرم
الضباب تزيحة حرارة الشمس من أمامها لتوصل للأرض أشعة الضياء وطاقة الحياة لكن القمر لا يستطيع
ومي
هي الشمس التى لها قصة
.............

07 October 2008

معنى جديد


الاختلاف الجوهري بين البشر هو في هذا المحمول على الأعناق هذه المشكاة التي تضئ لنا الطريق
أو هو الأداة التي بها نتعرف على الأشياء ونستشعر المعاني فالانسان عقل أولا فكر ورؤى تشارك في صياغتها عوامل كثيرة أولاها قدراته التي يولد بها ثم طبعه المكتسب ممن حولة ومما حولة أي من بيئته ومجتمعه
هذا هو الاختلاف الذي يجعل منا السعيد والتعيس ويجعل منا اليائس والمتافئل وان تساوت الظروف أو حتى انعكست
العقل
هذا النور الالهي الذي ربما كانت الروح التى نجهلها غذائه ومدده
هذا الخارق العجيب الذي به وحده تختلف الدنيا وتنقلب الأشياء
فمن حزن عميق إلى صفاء وهناء
ومن ألم ووجع إلى راحة واسترخاء
ومن ظلام وجهل إلى علم وإشراق
ومن تخلف إلى تحضر
هو العقل
ذلك المفتاح العجيب الفاتح لكل الأبواب المغلقة
تلك العين التي ترى
ورؤيتها تختلف
تلك الأذن التي تسمع
وسمعها يتباين
فنغمة الناي الحزينة ربما أبهجتها فحلقت في سماوات السعاده
بيدك وحدك تستطيع أن تغير المعاني وتزيح الهموم بمجرد جلسة إليه تقنعه ألا يتعبك
وتظل تحاوره وتناقشه وتجادله لتصل إلى الغاية
وما غايتنا إلا السرور
إلا السعادة وراحة البال
إلا الوصول إلى الأنا والايمان بها
لكن كن حذرا
فأنت قادر لكن هناك فوق قدرتك قدرة أعظم
وأنت عالم لكن فوق كل ذو علم عليم
وأنت غني لكن هناك من لاغنى عنه
الله
فمن هو الله
هو القدرة والعلم والقوة والأمان والأمل والطاقة والحب
كان حقيقة أو لم يكن في رأيك أو زعمك
لكنك لا تستطيع أن تنكر وجوده مهما حاولت
الله موجود فينا أو وجد لأننا لا نستطيع أن نكون بدونه
الله أولا ثم قبس من نورة
عقلك
فماذا هو القلب ؟
هو الماكينة التي تضخ الغذاء لكامل المصنع البديع الجميل المتكامل
فقط ماكينة الضخ ؟
لكن لم يتألم معنا إذا أحسسنا شيئا كريها أو مريرا
لم؟
لازال الانسان لغزا أمام نفسه
لكن فقط حين يفكر في ذلك
ولذلك
فالعقل يريح

27 August 2008

حوار مع صديقي الحالم 3


أصلحوا تلك السفينة ... قبل أن يأتي الطوفان

قلت لصديقي الحالم: إن المثالية التي تنشدها لا يمكن تحقيقها علي أرض الواقع يا صديقي، فكما أن هناك أناس ينشدون الإصلاح والكمال والمثالية، هناك أيضا أناس ينشدون الفساد والفوضى والعشوائية، ودائما ستجد تلك الحرب الدائرة بين المثالية والعشوائية منذ قديم الزمان ...

ألا تذكر قوم لوط حينما قالوا لبعضهم البعض .. "اخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم اناس يتطهرون"
[1].. أنظر لماذا يبغضوهم ولماذا ينكروهم .. لأنهم أرادوا فقط ان يتطهروا ويتخلصوا من الخبائث .. فدائما أبدا سيظل هناك من يريدها مرتع للعشوائية والفجور...

وانظر ايضا عندما قال قوم نوح لبعضهم البعض ... "وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً"
[2]... وبالرغم من ان تلك الآلهه كانت سبباً في ضلالهم .. إلا أنهم أبدا لم يكفوا عن هذا الضلال .. ويريدون ان يستمروا فيه ويصروا عليه .. وينكرون أي دعوة لإخراجهم من دائرة "الظلمات" إلي دائرة "النور"...

ارتسمت علي وجه صديقي ابتسامه سخرية وكأنه يقول لي: بل تنشأ الفوضى والعشوائية بسبب السلبية التي تتمتع بها أنت وأمثالك ، لكنه لم يصرح بهذا...

وقال لي: إذاً لماذا لا أسعى أنا لهذا التغيير ، فلو ان الجميع فكر بنفس الأسلوب ما كان هناك إصلاح أبدا ... فلذلك قررت أن أذهب مع هؤلاء الناس الذين ينادون بالإصلاح وسأركب معهم تلك السفينة التي سنعبر بها إلي "المثالية والكمال" كما فعل نبي الله نوح بمن آمن معه واستوى بسفينته علي جبل "الجودى" بعد أن اهلك الطوفان أهل الكفر والضلال ...

أشفقت عليه وقلت له: يا صديقي لقد صنع نبي الله نوح تلك السفينة بوحي من الله وبعد أن أمضي عمره في قومه منادياً ومبشراً ونذيراًّ ولم يستجيب له إلا قليل ... فهل يمكن لك ولمن معك أن يغيروا ما أفسده المفسدون ... وهل يمكن لكم ان تقيموا تلك المدينة المزعومة .. التي لا يوجد بها إلا كل معاني الحب والخيروالجمال .. دون ان يكون هناك أغراض أو أطماع أو صراعات ؟؟؟!!! ...

وهل سيفسح لكم أبليس وجنوده المجال لإعلاء رايه الإصلاح ، وكان قد اتخذ علي نفسه العهد بغواية جنس بني البشر ؟؟!!!

قال لي صديقي الحالم متحمساً: نعم .. نعم .. لقد سمعت كثيرا عن هؤلاء الناس وعن سفينتهم التي يزعمون بناءها وقد أذاعوا داخل البلدة انهم علي وشك البدء في إنشاء تلك السفينة وأنهم سيبحرون بها عبر بحر الفساد ليصلوا بها إلي شاطيء "المدينة الفاضلة" ، ولقد لحق بهم الكثيرون ممن ينشدون الكمال مثلي ... ولن يجد أبليس وجنوده مكان بين هؤلاء الناس ... وسأذهب معهم أنا أيضاً لكي أحاول .. وإن لم أنجح فليكفيني شرف المحاولة كما يقولون... إني أرى هؤلاء الناس مثل "وجه القمر" المضيء الذي يكون سبباً في هداية البشر في ظلمات البر والبحر ...

قلت له بصوت يملؤه القلق: لن أقف في طريقك يا صديقي ولكنى أخشى عليك وعلي من معك من هؤلاء الناس الذين ينشدون الفوضى والفساد .. واخشى أن يتسلل بينكم من يفرق بينكم ويتسبب في إغراق السفينة قبل إبحارها ...

قال لي صديقي وهو يهم بالإنصراف: فقط أطلب منك دعواتك وأمنياتك ، ولكم تمنيت ان تأتي معي لنعيش سوياً في تلك "المدينة الفاضلة" بعيدا عن الفساد والظلم والقهر .. فأنت تستحق الأفضل..

قلت له بصوت يملؤه الحسره: لا .. لن أترك مكاني .. وسأحاول أن لا أكون سلبيا كما تصفني وسأحاول أن أصلح من نفسي أولاً .. فمن يدري فقد يأتي الطوفان ويهلك الجميع .. وحينها لن ينفعني إلا إيماني ويقيني... إذهب يا صديقي وسأبقي انا هنا أنتظر مصيري المحتوم .. وقد قيل "إذا ما هاجر كل الشرفاء فمن سيبقي في وطننا"
[3] ... بالطبع سيبقي غير الشرفاء .... إذهب أنت وليحفظك الله..أما أنا فسأبقي هنا لعلي أجد لنفسي مكان بين من بقي من الشرفاء ... أتمني لك التوفيق...
**********
غاب صديقي لفترة من الوقت ولكنه كان دائم الإتصال بي ليطلعني علي أخباره وأخبار من معه ممن يدعون الإصلاح والكمال ..
وفي كل مرة من مرات الإتصال أجده منطلقا سعيدا بما يراه من هؤلاء الناس ...
وكيف أنهم يحبون بعضهم البعض...
وكيف أنه وجد نفسه بين هؤلاء الناس...
وكيف أنهم استطاعوا ان ينشأوا بسفينتهم نموذجا مصغرا لتلك المدينة التي يسعون للوصول إليها وأنهم بدأو في تطبيق قواعد المثالية والكمال علي تلك السفينة منذ أول يوم كتحضير للمجتمع الذي سيعيشون فيه في تلك "المدينة الفاضلة" ..
وكيف أنهم اتفقوا وتعاهدوا علي أن لا يكون بينهم ولا منهم من يفسد عليهم سعادتهم بحياتهم الجديدة ...
وكيف أنه وجد نفسه بينهم وكأنه وسط أهله وأخوته بعيدا عن الأطماع والأحقاد التي عصفت بالبلده منذ زمن بعيد وتحولت البلده إلي هذا المستنقع المليء بالطفيليات والحشرات .. ولكن ما أسعده الآن وقد وجد نفسه في داخل الجنة التي وجدت علي الأرض...
وكيف ... وكيف ... وكيف ...

لم أعهد صديقي يتكلم بهذا الحماس من قبل ... فلقد كان سعيدا منطلقاً ، بالغاً بسعادته عنان السماء ...
أما أنا فلقد كان كلامه يثير داخلي الشكوك حول ما كنت أعتقده من قبل وجعلني أتسائل كثيرا ...
هل يمكن فعلا ان يتحقق "حلم الكمال والمثالية" علي هذه الأرض ..
هل يمكن فعلا أن اكون مخطئا فيما أعتقدت من قبل حول إرادة هؤلاء الناس الذين يدعون الإصلاح وانهم استطاعوا فعلا ان يقميموا حصناً في وجه المفسدون المغرضون فلم يستطع إبليس وجنوده أن يخترقوا هذا الحصن ...
يبدو لي وكأني بدأت أقتنع بمبدأ صديقي ويبدو لي أني سألحق به لأجد لنفسي مكانا بين هؤلاء الناس علي تلك السفينة ....
أيام كثيرة كنت أفكر في حال صديقي وفي سعادته ... وكنت أفكر أيضا في إمكانية اللحاق به وكيفية الترتيب لهذا الأمر ... ولكن ...
**********
جائني صديقي في يوم من الأيام تظهر عليه آثار الإعياء والإحباط واليأس ... وبمجرد أن وقف أمامي وجدته سقط مغشياً عليه وكأنه كان يجاهد نفسه للوصول إلي هنا ...

وقبل أن يسقط نظر لي نظره يملؤها الحزن والأسى ... أصابني الفزع من هول هذا الموقف ولم يكن في تفكيري حينها أي شيء سوى إسعاف صديقي وإعادته إلي وعيه ...

حملت صديقي بين ذراعي وهرولت في شوراع البلده صارخا وباكيا ومناديا ...

أغيثوني ... أغيثوني ...

يا إلهي سأفقد صديقي بين ذراعي ولا أستطيع أن أفعل له شيء ...

استمريت في الهرولة والصراخ ولكن لم يجيبني أحد ... يالوقاحة تلك البلده ... إني اكره هذا المكان .. وتمنيت أن لو يأتي الله بالطوفان فيدمر تلك البلده وهؤلاء القوم وينشأ بعدها قوم آخرين ...

بعد أن تعبت من الجري في شوارع تلك البلده توقفت عن الحركه ووضعت صديقي علي الأرض ورفعته إلي صدري محاولا أن أعيد إليه وعيه وأنا أبكي بكاءا شديدا...

ومر أمامي شريط الذكريات الذي كان يجمعني بصديقي .. وكيف كنا نعيش سويا لحظات الفرح ولحظات الحزن .. وكيف كان كلا منا سنداً للآخر .. كيف تخيلنا سوياً شكل الحياه في تلك "المدينة الفاضلة"... حتى جاء ذلك اليوم الذي افترقنا فيه وذهب ناشداً الكمال ليحقق ما تخيلناه من قبل علي أرض الواقع ....

كل هذا مر بخاطري وأنا أحاول جاهدا أن أجعله يفيق ويتحدث إلي ... وبعد لحظات قليلة وانا منهمك في البكاء والصراخ .. وجدت صديقي وقد أفاق قليلا .. وقال لي بصوت خافت .. لا تبكي ...

قلت له : ماذا حدث يا صديقي .. وما الذي جري لك ... وجعلك تصل إلي تلك الحالة المزرية ...

قال لي بصوت خافت : إنها الصراعات التي عصفت بالسفينة قبل أن تبحر ... لقد كنت محقاً .. فلقد استطاع الحاقدين التسلل بينا وأفسدوا ما اتفقنا علي إنجاحه ...

قلت له: وإين دعاة الإصلاح ورعاة المثالية ... ألم يقفوا في وجه تلك الصراعات ويعيدوا الأمور إلي نصابها؟؟ ...

قال لي وكأنه يتذكر ما كان يحدث في تلك السفينة: إن تلك السفينة لم تكن نموذجاً مصغراً لتلك "المدينة الفاضلة" .. بل إنها حقاً إمتداداً لتلك "المدينة الفاجرة" ... بها ما بتلك المدينة من أحقاد وصراعات وشر ولم يستطيع أحد أن يقف أمام تلك الموجات العاتية من الحقد والشر ....

لم يكن "وجه القمر" المضيء الذي رأيته منذ البداية معبرا بما يكفي عن حقيقة سطح ذلك القمر المليء بالفوهات والأحقاف ... لقد خدعني "وجه القمر" ...

والآن لم يعد عندي أمل بتغيير ذلك الوضع بيدي أو بأيدي الناس ... فلابد لتلك البلده من نبي ليعيدهم إلي رشدهم .. ولأن هذا النبي أبداً لن يأتي ... فسوف يأتي أمر الله بهلاك تلك البلده كما هلكت السفينة ... وتلا صديقي بصوت خافت ... "وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون"
[4]... وسكت صديقي عن الكلام وتوقفت أنفاسه وانا أبكي بكاءا شديدا ... وأصرخ ...

يا ويلي ... لقد مات صديقي .... مات وهو ينشد الإصلاح ... ولكنه لم يجده .. عسى أن يجده في دار أخرى غير تلك الدار .. وأرض أخرى غير تلك الأرض ... فإن ما عند الله خير وأبقي .... وليرحمك الله يا صديقي ...

"تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين"
[5]

ولتتسع الأرض الآن لدعاة الفساد بعد أن رحل عنها من كان مخلصاً لا يريد إلا الإصلاح ما استطاع ... وليتحقق وعد الله بأن تقوم القيامة علي أشر الخلق...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]
سورة النمل ، الآية (56).
[2] سورة نوح، الآيه (23).
[3] من كتاب "وجوه بلا رتوش" للكاتبة الصحفية "مني رجب".
[4] سورة هود، الآية (117).
[5] سورة القصص، الآية (83).

علي عبد المنعم
أبو ظبي – الإمارات 22-05-2008

04 August 2008

صديقتي وسجائري


واصل تدخينكَ .. يغريني
رجلٌ .. في لحظة تدخينِ
ما أشهى تبغكَ .. والدنيا
تستقبلُ أوّل تشرينِ
والقهوةُ .. والصحفُ الكسلى
ورؤىً .. وحطامُ فناجينِ
دخّنْ .. لا أروعَ من رجلٍ
يفنى في الركن .. ويُفنيني
رجلٌ .. تنضَمُّ أصابعهُ
وتُفكّر .. من غير جبينِ
أشعل واحدةً .. من أخرى
أشعلها من جمر عُيوني
ورمادك ضعه على كفّي
نيرانكَ ليست تؤذيني
فأنا كامرأةٍ ..يُرضيني
أن أُلقيَ نفسي في مقعد
ساعاتٍ في هذا المعبدْ
أتأمّلُ في الوجه المُجْهَد
وأعُدُّ .. أعدُّ .. عروق اليدْ
فعروق يديك .. تسليني
وخيوط الشيب .. هنا .. وهنا
تنهي أعصابي .. تنهيني
دخّنْ .. لا أروعَ من رجلٍ
يَفْنَى في الركن .. ويُفنيني
احرقني .. إحرقْ بي بيتي
وتَصَرّفْ فيه كمجنونِ
فأنا كامرأةٍ .. يكفيني
أن أشعُرَ .. أنك تحميني
أن أشعرَ أن هناكَ يداً
تتسللّ من خلف المقعد
كي تمسح رأسي وجبيني
تتسلّلُ من خلف المقعدْ
لتداعب أذني بسكونِ
ولتترك في شعري الأسود
عِقداً من زهر الليمونِ
دخِّنْ .. لا أروعَ من رجلٍ
يفنى في الركن .. ويُفنيني
نزار قباني

26 July 2008

وداعا ياصديق العمر



وداعاً .. أيها الدفترْ
وداعاً يا صديق العمر، يا مصباحيَ الأخضرْ
ويا صدراً بكيتُ عليه، أعواماً، ولم يضجَرْ .
ويا رفْضي .. ويا سُخطي ..
ويا رعْدي .. ويا برقي ..
ويا ألماً تحولَ في يدي خِنْجَرْ ..
تركتكَ في أمانِ الله ،
يا جُرحي الذي أزهرْ
فإن سرقوكَ من دُرْجي
وفضُّوا خَتْمَكَ الأحْمَرْ
فلن يجدوا سوى امرأةٍ
مبعثرةٍ على دفترْ
...
نزار قباني

قالوا

الجنس ثورة ، والدافع الجنسي هو أهم دافع ثورة في الإنسان والإنسان الذي لا يشتهي ، إنسان غير قادر على الثورة
هربرت ماركوز
..........

25 July 2008

الشجرة


كونى..
كونى امرأة خطرة..
كى اتأكد -حين اضمك
انك لست بقايا شجرة..
احكى شيئاً..
قولى شيئاً..
غنى.ابكى.عيشى.موتى.
كى لايروى يوماً عنى
ان حبيبة قلبى ..شجرة..
كونى السم..وكونى الافعى
كونى السحر..وكونى السحرة
لفى حولى..
لفى حولى..
كى اتحسس دفء الجلد,وعطر البشرة..
كى اتأكد -ياسيدتى-
ان فروعك ليست خشباً..
ان جذورك ليست حطباً..
سيلى عرقاًً..
موتى غرقاً..
كى لايروى يوماً عنى
انى كنت اغازل شجرة..
كونى فرساً.ياسيدتى
كونى سيفاً يقطع..
كونى قبراً..
كونى حتفاً..
كونى شفة ليست تشبع
كونى صيفاً افريقياً..
كونى حقل بهار يلذع..
كونى الوجع الرائع..انى
اصبح رباًً..إذ أتوجع
غنى.ابكى.عيشى.موتى
كى لايروى يوماً عنى..
انى كنت اعانق شجرة..
كونى امرأة..ياسيدتى..
تطحن فى نهديها الشهبا
كونى رعداً
كونى برقاً
كونى رفضاً
كونى غضباً
خلى شعرك يسقط فوقى..
ذهباً..ذهباً
خلى جسمك فوق فراشى
يكتب شعراً..
يكتب ادبا..
خلى نهدك فوق سريرى
يحفر قبره
كونى بشراً ياسيدتى..
كونى الارض, وكونى الثمرة..
كى لايروى يوماً عنى ..
انى كنت اضاجع.. شجرة..
..
نزار قباني

24 July 2008

الغرور




ما معنى الغرور ؟ هل هو التكبر على الخلق بالاعتقاد أنهم أقل شأنا وأدنى قيمة ؟ أم هو نفي سوء النوايا عن النفس وإن أسائت التعبير أو الفعل كدفاع دائم يحمل معنى التنصل من الخطأ ؟
هل هو حب الذات والاهتمام لها فتصبح محور حياتك فحزنك العظيم من أجلها هي وفرحك الأغلى لها هي ؟
هل هو الإعجاب المنصب على نفسك شكلا وموضوعا أو على أحدهما بشكل يعوض تجاهلك أو نقص ما لديك من للآخر!؟
هل هو الشعور الدائم بالظلم من الآخرين وبخطأهم وسوء نواياهم أو ظنونهم؟ مما يحمل تعظيما غريبا للنفس في صورة عجيبة!؟
أولو كان هذا هو الغرور فعكسه يصبح التواضع ؟
وما هو دونه يصبح الدونية والاحتقار للنفس ؟
قد يبدو الأمر صعبا لكني سأحاول .. الغرور صفة قائمة على ما أظن داخل كل منا ولها أشكال عديدة قد تكون مستترة في الإحساس بالظلم ففي هذا معنى أن الأنا هي محط نظرك ومبلغ همك وشغلك الشاغل ، وقد يأخذ شكل إتهام الآخرين بالجهل والتخلف مما يحمل معنى أن من يحكم هو الأعلى والأعلم ، وقد يكون في صورة إتهام النفس بما ليس فيها !؟ نعم قد يكون من أشكال الغرور المستتره أن تتهم نفسك زورا بما ليس فيك لتصيح فيك الأفواه التى تراك وتحبك بالعكس وقد تبالغ من فرط حبها لك بأنك جميل وطيب القلب وذكي ومثقف وصاحب شخصية قوية ولطيف للغاية ثم تنتشي طربا بذلك المراد وقد يذهب بك الغرور إلى تصديقه !!؟؟
جميعنا يحمل من الغرور صورا مستتره وأكثرنا غرورا أكثرنا هجوما على نفسه وتعديا عليها
وأكثرنا غرورا من يحمل عن الآخرين تصورا بأنهم جناة أو مخطئون بحقه
أكثرنا غرورا من يدعي حب الآخرين أكثر من ذاته لدرجة أنه ينسى ذاته في خضم عشقة وغرامة بالآخرين
ويقول عفيف الدين التلمساني
أحلى الهوى أن يطول الوجد والسقم
وأصدق الحب ما حلت به التهم
كل حب حتى حب النفس
وأعتقد أن هناك ارتباط وثيق بين الغرور و خيال الإنسان الذي يصور له أشياء أغلبها أمنياته التي لم تتحقق بعد وإن كان الأمر كذلك فالأصلح أن نكشف الغطاء لنرى الواقع ونصغي بإهتمام وبرغبة فى المعرفة إلى صوته الصادق فماذ يقول ياترى ؟
يقول الواقع أن كل شئ نتمناه هو بالضرورة مرتبط بآخر أيا كان الآخر إنسانا أو مجموعة من الأشخاص لا تتم بدونهم تلك الأمنيات ثم أن الناس تختلف في طريقة تفكيرها باختلاف معطياتها وخلفياتها وأيضا تطلعاتها ولذا كان الطريق ولا يزال مليئا بالعقبات
تلك العقبات جميعها قد تنتهي بقناعة الإعتقاد بأهمية الحوار المبني على العقل والمقام على رغبة في الوصول إلى نهاية مرضية لجميع الأطرافوذلك سواء أكانت النهاية حدث أو كانت قناعة جديدة
يبقى الضامن هو المشكله
ضامن الحرص على إتمام الحوار حتى نهايته

صمام الأمان لحفظ الأشياء الثمينة التى نحرص عليها باقية

22 July 2008

كان لي قلب



على المرآة بعض غبار
و فوق المخدع البالي ، روائح نوم
و مصباح .. صغير النار
و كلّ ملامح الغرفة
كما كانت ، مساء القبلة الأولى
و حتّى الثوب ، حتّى الثوب
و كنتِ بحافّة المخدع
تردّين انبثاقة نهدك المترع
وراء الثوب
و كنت ترين في عيني حديثا .. كان مجهولا
و تبتسمين في طيبة
و كان وداع ،
جمعت اللّيل في سمتي ،
و لفّقت الوجوم الرحب في صمتي ،
و في صوتي ،
و قلت .. وداع !
و أقسم ، لم أكن صادق
و كان خداع !
و لكنّي قرأت رواية عن شاعر عاشق
أذلّته عشيقته ، فقال .. وداع !
و لكن أنت صدقت !
***
و جاء مساء
و كنت عل الطريق الملتوي أمشي
و قريتنا .. بحضن المغرب الشفقي ،
رؤى أفق
مخادع التلوين و النقش
تنام على مشارفها ظلال نخيل
و مئذنة .. تلوّي ظلّها في صفحة الترعه
رؤى مسحورة تمشي
و كنت أرى عناق الزهر للزهر
و أسمع غمغمات الطير للطير
و أصوات البهائم تختفي في مدخل القرية
و في روائح خصب ،
عبير عناق ،
و رغبة كائنين اثنين أن يلدا
و نازعني إليك حنين
و ناداني إلى عشّك ،
إلى عشّي ،
طريق ضمّ أقدامي ثلاث سنين
و مصباح ينوّر بابك المغلق
و صفصافه
على شبّاكك الحرّان هفهافه
و لكنّي ذكرت حكاية الأمس ،
سمعت الريح يجهشّ في ذرى الصفصاف ،
يقول .. وداع !
***
ملاكي ! طيري الغائب !
حزمت متاعي الخاوي إلى اللّقمة
وفت سنيني العشرين في دربك
و حنّ عليّ ملّاح ، و قال .. أركب !
فألقيت المتاع ، و نمت في المركب
و سبعة أبحر بيني و بين الدار
أواجه ليلي القاسي بلا حبّ ،
و أحسد من لهم أحباب ،
و أمضي .. في فراغ ، بارد ، مهجور
غريب في بلاد تأكل الغرباء
و ذات مساء ،
و عمر وداعنا عامان ،
طرقت نوادي الأصحاب ، لم أعثر على صاحب !
و عدت .. تدعني الأبواب ، و البوّاب ، و الحاجب !
يدحرجني امتداد طريق
طريق مقفر شاحب ،
لآخر مقفر شاحب ،
تقوم على يديه قصور
و كان الحائط العملاق يسحقني ،
و يخنقني
و في عيني ... سؤال طاف يستجدي
خيال صديق ،
تراب صديق
و يصرخ .. إنّني وحدي
و يا مصباح ! مثلك ساهر وحدي
و بعت صديقتي .. بوداع !
***
ملاكي ! طيري الغائب !
تعالي .. قد نجوع هنا ،
و لكنّا هنا اثنان !
و نعرى في الشتاء هنا ،
و لكنّا هنا اثنان
تعالي يا طعام العمر !
ودفء العمر !
تعالي لي !


أحمد عبد المعطي حجازي

في البدء


من شاطئ بعيد مجهول بدأت رحلتة .. زاده الحلم الجميل المتجدد ينقله من بحر إلى جداول نهر ومن شاطئ بحيرة إلى أطياف جزيرة يهفوا إليها
كان ولا يزال يحاول أن يتذكر شكل هذا الشاطئ الذي منه أتى
الدفء يغلف محيطه في سحر عجيب وأصوات أنفاس تتردد وكأنها تعزف مقطوعة عشق أبدية تزيد تباعا لكنها لا تخرج عن الهمس الذي يطرق الآذان في حياء وخجل .. والدفء نعيم
الأمواج تتابع على هذا الشاطئ فيتلقاها فرحا على رماله الذهبية وكأنها كؤوس من النبيذ تسكر دنياه وتغرقة في نعيم الحلم .. تتهادي تباعا فيعود النسيم يحرك عصا الكمان فينثر في الأثير الطرب
وتهب العاصفة بعد هدأة الحلم والشاطئ يزغرد وكأنه ليس هناك ثمة خطر وسفينة الملاح متشبثة قبل أن تقتلعها الأمواج ولا تسكن العاصفة ولا تسكن زغردات الشاطئ ولا هجوم الأمواج والشمس على حافة المغيب
وفجأة .. تقتلع الأمواج السفينة من مرساها العتيد فتغرق في ظلام غير مخيف بل هو الأمان والطمأنينة
لكن مالبثت الشمس أن أشرقت .. فبدأت الرحل
ة

21 July 2008

عذاب الليالي




لا يقطع السكون سوى أصوات أنفاس تتردد وكأنها تعاني ألما مستسلمة له تستعذبه
لا يعاند الصمت المضجر سوى همس الأموات
الحجرة تحترق
والدخان كثيف
الرؤية منعدمه
والأبواب والنوافذ كلها مغلقة
حتى نافذة الدمع
والقلب يختنق
صرخات تتابع معلنة في سكون الموتى أن هنا من يضيع والفناء وكأنه طائر طليق يحلق من بعيد في شماتة والناس موتى .. جميعهم قد ماتوا
دورة الزمان دون حد والعقل يشقي أصحابه وإن عاشو ا في النعيم
صور تتابع في الظلام توجع القلب أشد الوجع والدمع لا يلين حتى الغضب .. أخرس

...
هذا رجل جاوز الثمانين من بعيد ينظر لي بعينية دمعة حارت سنين طوال وحزن جاثم على الصدر كالجبل يحرك رأسة بثقل مشير لي بالنفي !؟ ماذا كنت تقصد يا جدي الحبيب ؟
وتلك سيدة نسيها الموت فجلست تبكي العمر وأيام الصبى تبكي عرشها الذي بات أطلالا تتداعى من ألم إنتظار الزوال
أود لو قبلتها وإحتضنتها بقوة أبكي لتترك لدمعها الأبي العنان
أبكي لتسامحني على ذنب ماجنيته وحزن قد أكون قصرت في تهوينها عليه
جدتي .. كيف حالك
تحمد الله في أسى
أ تأكل شيئا يا حبيبي ؟

كفاكي يا سيدتي تدميرا لأعصابي أتكافئيني على إهمالي لك وعلى جميل ما رددت لك شيئا منه !؟
الصمت .. يعود من جديد
تقطعه بجملة تصدر من قاع الألم
الصبر يارب
رباه كيف إختصرت آلام السنين وحزن العمر بتلك الجملة الرهيبه
ما أهون الإنسان
وما أقسى العجز
كم ضاع أحباب نقتل أنفسنا ندما كل لحظة على تقصيرنا الظالم بحقهم وعجزنا المفجع
آآآه من عذاب الليالي بلا أنيس أو رفيق سوى همس الأموات
...
إنه مريض وحالته حرجه ؟
في الغد إن شاء الله أذهب إليه؟

ويأتي الغد حاملا جثمانه إلى القبر فيغيب مع من غابوا .. وبقوا !؟ بالقلب يوقدون به النار
...
بالأمس كانت ذكراها .. ستة أعوام مضت !؟
نبع الرقة والجمال واراها التراب
وشقيقتي تبكي على صدري
وأظل أهذي كالمجنون بكلمات عاجزة في محاولة فاشلة غبية لتهوين المصيبة
وإن نسيت من غابو عن الدنيا
فكيف أنسى من يحيا معذبا بغير ذنب جناه
كيف أنسى أناسا أحبهم أراهم يتألمون في حزن
وأنا أختنق عجزا عن عونهم
لم لا نكتفي بنا عمن سوانا ؟
لم يدخل بيننا آلاف الأشخاص فهذا فعل وهذا قال
اللعنة عليهم جميعا
واللعنة على حظي العثر
الذي يضن علي بصفو حبيب وإخلاص قلب .. لي وحسب
قدمت الاخلاص فتهت بين المخلصين كذبوا أو صدقوا
ناديت كثير فادعوا بغرور أن بينهم من يفهم
ولا يبدوا أن أحدا يفهم شيئا
نضيع وبين أيدينا الأمل
نحزن وسعادتنا في كلمة يمنعها غرور أو خوف
سأذهب
كفاكم
وكفاني

وسأبقى رهن الأمل

20 July 2008

لو أستطيع حبيبتي




لو أستطيع حبيبتي
لنثرت شيئا من عبيرك
بين أنياب الزمان
فلعله يوما يفيق ويمنح الناس الأمان
لو أستطيع حبيبتي
لجعلت من عينيك صبحا
في غدير من حنان
ونسجت أفراح الحياة حديقة
لا يدرك الإنسان شطآنا.. لها
وجعلت أصنام الوجود معابدا
ينساب شوق الناس.. إيمانا بها
لو أستطيع حبيبتي
لنثرت بسمتك التي
يوما غفرت بها الخطايا.. والجراح
وجمعت كل الناس حول ضيائها
كي يدركوا معنى الصباح
لو أستطيع حبيبتي
لغرست من أغصان شعرك واحة
وجعلتها بيتا تحج لها الجموع
وجعلت ليل الأرض نبعا من شموع
ومحوت عن وجه المنى شبح الدموع
* * *
فغدا سنهزم
في جوانحنا
المخاوف.. والظنون
ونعود بالأمل الحنون..
فالحلم رغم اليأس يسبح في العيون
ما زال يسبح في العيون
ما زلت أحلم
يا رفيقة حزن أيامي وما زال الجنون
فالحلم في زمن الظلام مخاوف
وضياع أيام وشيء من جنون
لكنني ما زلت رغم الخوف
رغم اليأس رغم الحزن
أعرف من نكون..
هيا لنحلم بين أعشاب السكون
فغدا سنصبح للربيع حديقة
ويصيح صمت الأرض..
فليحيا الجنون

فاروق جويدة

19 July 2008

الرسم بالكلمات


كمهرة برية جميلة بسمارها الأخاذ وكبرياءها الشامخ ومبادئها التي هي جزء أصيل من تكوينها الرائع
وقفت أبية تستمد من إعتزازها بذاتها الأصيلة قوة عنيدة رافضة للرضوخ
متمسكة بحلمها المجنون كجنون الخيل الجامحة سر جمالها الحرية
كما كل إنسان يدافع عن حريته
يرفض القيود أيا كانت مغرية
تدفع الثمن
وكالبلبل الصداح العازف لآيات الجمال يستعذبها السامع ويرددها أنغاما لا تغيب عن الآذان جمالها المنتقى يجهل إن كانت ترانيم سعادة
أم أنين بكاء
وكزهرة اللوز
تبقى بعيني
وكوقع الحنين
تحيا بقلبي

17 July 2008

البكاء




ليس من شوق إلى حضن فقدته
ليس من ذكرى لتمثال كسرته
ليس من حزن على طفل دفنته
أنا أبكي !
أنا أدري أن دمع العين خذلان ... و ملح
أنا أدري ،
و بكاء اللحن ما زال يلح
لا ترشّي من مناديلك عطرا
لست أصحو... لست أصحو
ودعي قلبي... يبكي !
*
شوكة في القلب مازالت تغزّ
قطرات... قطرات... لم يزل جرحي ينزّ
أين زرّ الورد ؟
هل في الدم ورد ؟
يا عزاء الميتين !
هل لنا مجد و عزّ !
أتركي قلبي يبكي !
خبّئي عن أذني هذي الخرافات الرتيبة
أنا أدري منك بالإنسان ...بالأرض الغريبة
لم أبع مهري ...و لا رايات مأساتي الخضيبة
و لأنّي أحمل الصخر وداء الحبّ ...
و الشمس الغريبة
أنا أبكي !
أنا أمضي قبل ميعادي ... مبكر
عمرنا أضيق منا ،
عمرنا أصغر... أصغر
هل صحيح ، يثمر الموت حياة
هل سأثمر
في يد الجائع خبزا ، في فم الأطفال سكّر ؟

أنا أبكي !

16 July 2008

رسالة من المنفي



-1-
تحيّة ... و قبلة
و ليس عندي ما أقول بعد
من أين أبتدي ؟ .. و أين أنتهي ؟
و دورة الزمان دون حد
و كل ما في غربتي
زوادة ، فيها رغيف يابس ، ووجد
ودفتر يحمل عني بعض ما حملت
بصقت في صفحاته ما ضاق بي من حقد
من أين أبتدي ؟
و كل ما قيل و ما يقال بعد غد
لا ينتهي بضمة.. أو لمسة من يد
لا يرجع الغريب للديار
لا ينزل الأمطار
لا ينبت الريش على
جناح طير ضائع .. منهد
من أين أبتدي
تحيّة .. و قبلة.. و بعد ..
أقول للمذياع ... قل لها أنا بخير
أقول للعصفور
إن صادفتها يا طير
لا تنسني ، و قل : بخير
أنا بخير
أنا بخير
ما زال في عيني بصر !
ما زال في السما قمر !
و ثوبي العتيق ، حتى الآن ، ما اندثر
تمزقت أطرافه
لكنني رتقته... و لم يزل بخير
و صرت شابا جاور العشرين
تصوّريني ... صرت في العشرين
و صرت كالشباب يا أماه
أواجه الحياه
و أحمل العبء كما الرجال يحملون
و أشتغل
في مطعم ... و أغسل الصحون
و أصنع القهوة للزبون
و ألصق البسمات فوق وجهي الحزين
ليفرح الزبون
-3-
قد صرت في العشرين
وصرت كالشباب يا أماه
أدخن التبغ ، و أتكي على الجدار
أقول للحلوة : آه
كما يقول الآخرون
" يا أخوتي ؛ ما أطيب البنات ،
تصوروا كم مرة هي الحياة
بدونهن ... مرة هي الحياة " .
و قال صاحبي : "هل عندكم رغيف ؟
يا إخوتي ؛ ما قيمة الإنسان
إن نام كل ليلة ... جوعان ؟ "
أنا بخير
أنا بخير
عندي رغيف أسمر
و سلة صغيرة من الخضار
-4-
سمعت في المذياع
قال الجميع : كلنا بخير
لا أحد حزين ؛
فكيف حال والدي
ألم يزل كعهده ، يحب ذكر الله
و الأبناء .. و التراب .. و الزيتون ؟
و كيف حال إخوتي
هل أصبحوا موظفين ؟
سمعت يوما والدي يقول :
سيصبحون كلهم معلمين ...
سمعته يقول
( أجوع حتى أشتري لهم كتاب )
لا أحد في قريتي يفك حرفا في خطاب
و كيف حال أختنا
هل كبرت .. و جاءها خطّاب ؟
و كيف حال جدّتي
ألم تزل كعهدها تقعد عند الباب ؟
تدعو لنا
بالخير ... و الشباب ... و الثواب !
و كيف حال بيتنا
و العتبة الملساء ... و الوجاق ... و الأبواب !
سمعت في المذياع
رسائل المشردين ... للمشردين
جميعهم بخير !
لكنني حزين ...
تكاد أن تأكلني الظنون
لم يحمل المذياع عنكم خبرا ...
و لو حزين
و لو حزين
-5-
الليل - يا أمّاه - ذئب جائع سفاح
يطارد الغريب أينما مضى ..
ماذا جنينا نحن يا أماه ؟
حتى نموت مرتين
فمرة نموت في الحياة
و مرة نموت عند الموت!
هل تعلمين ما الذي يملأني بكاء ؟
هبي مرضت ليلة ... وهد جسمي الداء !
هل يذكر المساء
مهاجرا أتى هنا... و لم يعد إلى الوطن ؟
هل يذكر المساء
مهاجرا مات بلا كفن ؟
يا غابة الصفصاف ! هل ستذكرين
أن الذي رموه تحت ظلك الحزين
- كأي شيء ميت - إنسان ؟
هل تذكرين أنني إنسان
و تحفظين جثتني من سطوه الغربان ؟
أماه يا أماه
لمن كتبت هذه الأوراق
أي بريد ذاهب يحملها ؟
سدّت طريق البر و البحار و الآفاق ...
و أنت يا أماه
ووالدي ، و إخوتي ، و الأهل ، و الرفاق ...
لعلّكم أحياء
لعلّكم أموات
لعلّكم مثلي بلا عنوان
ما قيمة الإنسان
بلا وطن
بلا علم
ودونما عنوان
ما قيمة الإنسان
ما قيمة الإنسان
بلا وطن
بلا علم
ودونما عنوان
ما قيمة الإنسان


..

محمود درويش

15 July 2008

إيجاز

أحيانا نجري وراء غاية معينة ثم نعثر في الطريق علي شئ ما نلبث أن نؤمن بأنه الغاية الحقيقية
نجيب محفوظ

12 July 2008

طبع الزمان عداوة الأحرار

حكم المنية في البرية جاري
ماهذه الدنيا بدار قرار
بينا ترى الانسان فيها مخبرا
ألفيته خبرا من الأخبار
طبعت على كدر وأنت تريدها
صفوا من الأقذار والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها
متطلب في الماء جزوة نار
واذا رجوت المستحيل فإنما
تبني الرجاء على شفير هار
والعيش نوم والمنية يقظة
والمرء بينهما خيال ساري
فاقضوا مآربكم عجالا إنما
أعماركم سفر من الأسفار
وتركضوا خيل الشباب وبادروا
أن تسترد فأنهن عوار
ليس الزمان وإن حرصت مسالما
طبع الزمان عداوة الأحرار

09 July 2008

قواعد


1
إذا ما قابلت رأيي بصمت فالقاعده تقول أن صمتك تصديقا على هذا الرأي أو عجز في الدفاع عن نفسك وفى الحالتين أنا على حق
ولا يحق لك بعد ذلك أن تتهمني بالتجني عليك فقد ضيعت على نفسك فرصة الدفاع عن حقك فلا تلومن إلا نفسك
وهنا ساحتي بريئة ورأيي صواب وصمتك ضعف
2
الناس مراتب ومنازل
ولا يصح أن نعامل كل الناس بنفس الأسلوب فينهم الحبيب والخليل والصديق والصاحب ومن نعرفه مجرد المعرفة ونحن لدي هؤلاء الناس مصنفين بنفس التصنيف
وللبشر طاقة فليس من العدل أن نبدد مالدينا من مودة وحب وما يتطلبه ذلك من استهلاك للأعصاب لدي أناس لا نمثل لديهم قيمة حقيقية
الله وحده من يعطي كل الناس حبا ورحمة بلاحدود والله وحده القادر على الاخلاص فى نفس الوقت للجميع والصفو للأحباب مهما زاد عددهم ودنا قربهم منه سبحانه
وياللعجب فالله يعذب من يجحد حبه ويكفر بنعمائه مما يحمل معنى غاية فى العدل ويضرب لنا مثلا في قيمة الحق والصواب
أعطيتك فالتشكرني وتحمدني فقد أعطيتك مالا يعد ولا يحصى ولا أطلب منك سوى أن تعيش لي محبا مخلصا شاكرا لنعمائي فإن فعلت فسأزيد عليك النعم ولك فى الدنيا سعادة وراحة ضمير وفى الآخرة جنتي
فهلا تعلمنا من ربنا جل فى علاه
ونعدل في أخذنا وعطائنا فلمن يحبوننا حبا وصفوا ولمن يجحدون الحب معاملة بالمثل وجزاء الاحسان بالاحسان ومن أساء فلنفسه والله الغني
ما أجمل الله وما أعدله وما أعظم منطق حكمه وما أجمل مثله التي تعلمنا كيف نعامل الناس
3
أحبب حبيبك هونا ما فعسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما فعسى أن يكون حبيبك يوما ما
والمعنى واضح فالوسطية منهج الحكماء فلا تغالي في حبك لأحد حتى لا تسقط إذا ما ضاع منك لموت أو هجر أو تبدل حال
ولا تغالي في كرهك وسخطك على أحد فقد يتغير الحال وتكتشف أنك كنت ظالما أو تتغير قناعاتك
وكذلك جعلناكم أمة وسطا
وخير الأمور الوسط
4
لا يتأثر الانسان بما يحدث مثلما يتأثر برأيه حول مايحدث .. مونتين
هكذا يجرنا تفسيرنا للأحداث إلى السقوط في الخطأ ومن ثم الخجل من أنفسنا بعدما نكتشف خطأ فى التفسير ورؤية تتجدد بعدما أضيفت معطيات جديده أو تبدلت قناعات
كم مره اكتشف كل منا أنه عاني من أجل وهم لو أجاد التفكير فيه على نحو أعمق لما أجهد جهازة العصبي وما أتعب قلبه .. فقط فكر
5
إنما الذل في مخالطة الناس
فدعهم وعش عزيزا رئيسا

الناس ليست كلها متفقة معنا في الفكر وليس لديها مالدينا من معطيات إذن فإن من الغباء أن نختلط بكل الناس فهناك أناس البعد عنهم غنيمة لنا وهؤلاء من الحكمة أن نهملهم تماما دون أن نسئ إليهم مالم يستحقو ذلك وليس في ذلك عيب أو إحتقار أو غرور
وأخيرا
عن قول عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به
لا اعتقد أن أحدا يقبل أن يهين أحد أو يتعمد إيذائه ويقبل منطقيا أن يعامله هذا الشخص بمودة واحترام
فورا سيترك رد الفعل الغريب هذا فكرة سيئة مضمونها أن هذا الشخص مهانة كرامته لا يصونها أو أنه متخلف مختل عقليا
ولذلك من يسئ للناس يحب أن يسيئو إليه ايضا بمنطق التوازن
واذا حييتم بتحية فحيو بأحسن منها أو ردوها والعكس صحيح
ولكم فى حكمة الله دليل

08 July 2008

ويبقى الحب



أترى أجبت على الحقائب عندما سألت:
لماذا ترحلين؟
أوراقك الحيرى تذوب من الحنين
لو كنت قد فتشت فيها لحظة
لوجدت قلبي تائه النبضات في درب السنين..
و أخذت أيامي و عطر العمر.. كيف تسافرين؟
المقعد الخالي يعاتبنا على هذا الجحود..
ما زال صوت بكائه في القلب
حين ترنح المسكين يسألني ترانا.. هل نعود!
في درجك الحيران نامت بالهموم.. قصائدي
كانت تئن وحيدة مثل الخيال الشارد
لم تهجرين قصائدي؟!
قد علمتني أننا بالحب نبني كل شيء.. خالد
قد علمتني أن حبك كان مكتوبا كساعة مولدي..
فجعلت حبك عمر أمسى حلم يومي.. وغدي
إني عبدتك في رحاب قصائدي
و الآن جئت تحطمين.. معابدي؟!
وزجاجة العطر التي قد حطمتها.. راحتاك
كم كانت تحدق في اشتياق كلما كانت.. تراك
كم عانقت أنفاسك الحيرى فأسكرها.. شذاك
كم مزقتها دمعة.. نامت عليها.. مقلتاك
واليوم يغتال التراب دماءها
و يموت عطر كان كل مناك!!
* * *
والحجرة الصغرى.. لماذا أنكرت يوما خطانا
شربت كؤوس الحب منا وارتوى فيها.. صبانا
والآن تحترق الأماني في رباها..
الحجرة الصغرى يعذبني.. بكاها
في الليل تسأل مالذي صنعت بنا يوما
لتبلغ.. منتهاها؟
* * *
الراحلون على السفينة يجمعون ظلالهم
فيتوه كل الناس في نظراتي..
و البحر يبكي كلما عبرت بنا
نسمات شوق حائر الزفرات
يا نورس الشط البعيد أحبتي
تركوا حياة.. لم تكن كحياتي
سلكوا طريق الهجر بين جوانحي
حفروا الطريق.. على مشارف ذاتي
* * *
يا قلبها..
يا من عرفت الحب يوما عندها
يا من حملت الشوق نبضا
في حنايا.. صدرها
إني سكنتك ذات يوم
كنت بيتي.. كان قلبي بيتها
كل الذي في البيت أنكرني
و صار العمر كهفا.. بعدها
لو كنت أعرف كيف أنسى حبها؟
لو كنت أعرف كيف أطفئ نارها..
قلبي يحدثني يقول بأنها
يوما.. سترجع بيتها؟!
أترى سترجع بيتها؟
ماذا أقول.. لعلني.. و لعلها

04 July 2008

..

إن كان عندك يا زمان بقية
مما تهين به الكرام فهاتها

29 June 2008

أحببت فيها كل شئ



أحببتُ فيها كلَّ شيءْ
الحبَّ ، والأحلامَ ، والقلبَ الوفي
مازالَ يَجمعُنا معًا
هذا الجنونُ حبيبتي
سيظلُّ يَجمعُنا معًا
شيءٌ خَفي
يا أجملَ الأحلامِ في عُمري
ويا عطرًا يَفوحُ بأحرُفي
قد تَختَفي هذي الجبالُ
وتختفي هذي البُحورُ
ويختفي كلُّ الوجودِ بأعيُني
لكنَّ حبَّكِ مستحيلٌ يَختفي
لو أنَّ مِلكي في الوجودِ بأسرِهِ
عيناكِ ..
واللهِ العظيمِ سأكتفي

23 June 2008

وأنت الحقيقة لو تعلمين




يقولون عني كثيرا كثيرا
وأنت الحقيقة لو يعلمون
لأنك عندي زمان قديم
أفراح عمر وذكرى جنون
وسافرت أبحث في كل وجه
فألقاك ضوءا بكل العيون
يهون مع البعد جرح الأماني
ولكن حبك لا.. لا يهون
* * *
أحبك بيتا تواريت فيه
وقد ضقت يوما بقهر السنين
تناثرت بعدك في كل بيت
خداع الأماني وزيف الحنين
كهوف من الزيف ضمت فؤادي
وآه من الزيف لو تعلمين
* * *
لماذا رجعت زمانا توارى
وخلف فينا الأسى والعذاب
بقاياي في كل بيت تنادي
قصاصات عمري على كل باب
فأصبحت أحمل قلبا عجوزا
قليل الأماني كثير العتاب
* * *
لماذا رجعت وقد صرت لحنا
يطوف على الأرض بين السحاب؟
لماذا رجعت وقد صرت ذكرى
ودنيا من النور تؤوي الحيارى
وأرضا تلاشى عليها المكان؟
لماذا رجعت وقد صرت لحنا
ونهرا من الطهر ينساب فينا
يطهر فينا خطايا الزمان؟
فهل تقبلين قيود الزمان؟
وهل تقبلين كهوف المكان؟
أحبك عمرا نقي الضمير
إذا ضلل الزيف وجه الحياة
* * *
أحبك فجرا عنيد الضياء
إذا ما تهاوت قلاع النجاة
ولو دمر الزيف عشق القلوب
لما عاش في القلب عشق سواه
دعيني مع الزيف وحدي وسيفي
وتبقين أنت المنار البعيد
وتبقين رغم زحام الهموم
طهارة أمسي وبيتي الوحيد
أعود إليك إذا ضاق صدري
وأسقاني الدهر ما لا أريد
أطوف بعمري على كل بيت
أبيع الليالي بسعر زهيد
لقد عشت أشدو الهوى للحيارى
و بين ضلوعي يئن الحنين
وقد استكين لقهر الحياة
ولكن حبك لا يستكين
يقولون عني كثيرا كثيرا
وأنت الحقيقة لو تعلمين

فاروق جويدة

14 June 2008

الظل والصليب


هذا زمان السأم
نفخ الأراجيل سأم
دبيب فخذ امرأة ما بين أليتيّ رجل ..
سأم
لا عمق للألم
لأنه كالزيت فوق صفحة السأم
لا طعم للندم
لأنه لا يحملون الوزر إلا لحظة ..
… ويهبط السأم
يغسلهم من رأسهم إلى القدم
طهارة بيضاء تنبت القبور في مغاور الندم
نفن فيها جثث الأفكار و الأحزان ، من ترابها ..
يقوم هيكل الإنسان
إنسان هذا العصر و الأوان
أنا رجعت من بحار الفكر دون فكر
قابلني الفكر ، ولكني رجعت دون فكر
أنا رجعت من بحار الموت دون موت
حين أتاني الموت، لم يجد لديّ ما يميته،
وعدت دون موت

أنا الذي أحيا بلا أبعاد
أنا الذي أحيا بلا آماد
أنا الذي أحيا بلا ظل .. ولا صليب
الظل لص يسرق السعادة
ومن يعش بظله يمشي إلى الصليب، في نهاية الطريق
يصلبه حزنه، تسمل عيناه بلا بريق
يا شجر الصفصاف : إن ألف غصن من غصونك الكثيفه
تنبت في الصحراء لو سكبت دمعتين
تصلبني يا شجر الصفصاف لو فكرت
تصلبني يا شجر الصفصاف لو ذكرت
تصلبني يا شجر الصفصاف لو حملت ظلي فوق كتفي، وانطلقت
و انكسرت
أو انتصرت
إنسان هذا العصر سيد الحياه
لأنه يعيشها سأم
يزني بها سأم
يموتها سأم
2
قلتم لي :
لا تدسس أنفك فيما يعني جارك
لكني أسألكم أن تعطوني أنفي
وجهي في مرآتي مجدوع الأنف
3
ملاحنا ينتف شعر الذقن في جنون
يدعو اله النقمة المجنون أن يلين قلبه، ولا يلين
(ينشده أبناءه و أهله الأدنين، و الوسادة التي لوى عليها فخذ زوجه، أولدها محمداً وأحمداً وسيدا
وخضرة البكر التي لم يفترع حجابها انس ولا شيطان)
(يدعو اله النعمة الأمين أن يرعاه حتى يقضي الصلاة،
حتى يؤتى الزكاة، حتى ينحر القربان، حتى يبتني بحر ماله كنيسة ومسجداً وخان)
للفقراء التاعسين من صعاليك الزمان
ملاحنا يلوي أصابعاً خطاطيف على المجداف و السكان
ملاحنا هوى إلى قاع السفين ، واستكان
وجاش بالبكا بلا دمع .. بلا لسان
ملاحنا مات قبيل الموت، حين ودع الأصحاب
.. والأحباب و الزمان و المكان

عادت إلى قمقمها حياته، وانكمشت أعضاؤه، ومال
ومد جسمه على خط الزوال
يا شيخنا الملاح ..
.. قلبك الجريء كان ثابتاً فما له استطير
أشار بالأصابع الملوية الأعناق نحو المشرق البعيد
ثم قال :
- هذي جبال الملح و القصدير
فكل مركب تجيئها تدور
تحطمها الصخور
وانكبتا .. ندنو من المحظور، لن يفلتنا المحظور
- هذي إذن جبال الملح و القصدير
وافرحا .. نعيش في مشارف المحظور
نموت بعد أن نذوق لحظة الرعب المرير و التوقع المرير
وبعد آلاف الليالي من زماننا الضرير
مضت ثقيلات الخطى على عصا التدبر البصير
ملاحنا أسلم سؤر الروح قبل أن نلامس الجبل
وطار قلبه من الوجل
كان سليم الجسم دون جرح، دون خدش، دون دم
حين هوت جبالنا بجسمه الضئيل نحو القاع
ولم يعش لينتصر
ولم يعش لينهزم
ملاح هذا العصر سيد البحار
لأنه يعيش دون أن يريق نقطة من دم
لأنه يموت قبل أن يصارع التيار
4
هذا زمن الحق الضائع
لا يعرف فيه مقتول من قاتله ومتى قتله
ورؤوس الناس على جثث الحيوانات
ورؤوس الحيوانات على جثث الناس
فتحسس رأسك
فتحسس رأسك!

09 June 2008

أغنية




و حين أعود للبيت
و حيدا فارغا ، إلّا من الوحدة
يداي بغير أمتعة ، و قلبي دونما ورده
فقد وزعت ورداتي
على البؤساء منذ الصبح ... ورداتي
و صارعت الذئاب ، وعدت للبيت
بلا رنّات ضحكة حلوة البيت
بغير حفيف قلبها
بغير رفيف لمستها
بغير سؤالها عني ، و عن أخباري مأساتي
وحيدا أصنع القهوة
و حيدا أشرب القهوة
فأخسر من حياتي ...
أخسر النشوة
رفاقي ها هنا المصباح و الأشعار ، و الوحده
و بعض سجائر .. و جرائد كالليل مسودّة
و حين أعود للبيت
أحسن بوحشة البيت
و أخسر من حياتي كل ورداتي
وسرّ النبع.. نبع الضوء في أعماق مأساتي
و أختزن العذاب لأنني وحدي
بدون حنان كفيك
بدون ربيع عينيك ! ...


محمود درويش

08 June 2008

هيّ




....
هي امرأةٌ
لأهلِ العشقِ في شتَّى مذاهبِهِمْ
وأهلُ العشقِ يَعترضونْ
فكيفَ نُحاسبُ العشاقَ
في شَتَّى مذاهبِهِمْ
وهُمْ في العشقِ مُختلفونْ ؟
فكلُّ مُتَيَّمٍ مَذهَبْ
وكلُّ حَبيبةٍ كوكبْ
وكلُّ دَقيقةٍ مَطلبْ
لِمن في العشقِ يَقتتلونْ
***
هي امرأةٌ
وليسَ كَمِثلِها امرأةٌ
بِهذا الكونِ واللهِ
ولا ستكونْ
هي امرأةٌ لآخِرِ قَطرةٍ منها
وتُخفي في أُنوثَتِها ،
وضِحكَتِها..
عَبيرَ مَزارعِ الليمونْ
***
هي الأنثى
ومَن في ذاكَ يَعترضُ
عليها الكلُّ مُتفقونْ
هي امرأةٌ
تَفرُّ كمُهرةٍ تَجري على وَرقي ،
حِصانٍ شاردٍ مَجنونْ
هي امرأةٌ
تُراصِدُني ، وتَتبعُني
تَراني أينما كانتْ
وتُوجدُ أينما سأكونْ
هي امرأةٌ
أُغازِلُ كلَّ ما فيها
ولي عُذري إذا كنتُ ..
بها المفتونْ
هي امرأةٌ بِعينيها فراديسٌ وجنَّاتٌ
ومِن شُهدائها قلبي
ولستَ بآخِرِ الشهداءِ يا قلبي
ولا ستكونْ
***
هي امرأةٌ
تُحاولُ رَأْبَ هذا الصَّدعِ
ما بيني ، وما بيني
هي امرأةٌ
أُحاولُ طِيلةَ الأيامِ
أُخفيها عنِ الأنظارِ
وهْيَ تُطِلُّ مِن عيني
هِي امرأةٌ وقد شَطبتْ
جميعَ تَجارِبي الأولى
لها جَزرٌ ، لها مَدٌّ
وبينَ الجزرِ والمدِّ ..
يَعيشُ القلبُ مَذهولا
هي امرأةٌ
تَظلُّ كَمَنجمِ الدَهَشاتِ تُدهشني
بكلِّ دَقيقةٍ دَهشةْ
وكلُّ دقيقةٍ أحلى
مِن الأولى
هي امرأةٌ هُنا مَرَّتْ وتَترُكُني
أمامَ البابِ مَقتولا
***
هي امرأةٌ
تُعيدُ لِحُلمِنا المكسورِ رَوعتَهُ
وللحبِّ ..
جَلالتَهُ
وللعشقِ ..
مَهابتَهُ
أُحاولُ وَضعَ تَعريفٍ لها لكنْ
أُحسُّ بِعجزيَ المُطلقْ
هي امرأةٌ تَفوقُ تَصوُّرَ الشعراءِ
تَجتازُ ..
حدودَ العقلِ والمنطِقْ
هي امرأةٌ
تُغيِّرُ رسمَ هذا البحرِ
مِن جُزُرٍ وشًطآنٍ
وتَسكُبُ فيهِ عينيها
ليأخذَ لونَهُ الأزرقْ
هي امرأةٌ
يَكادُ الشوقُ يَقتُلُها
ولا تَنطِقْ
فإنْ باحتْ فيا ويلي
وإنْ سَكَتتْ
تَصيرُ مشاكلي أعمقْ
***
هي امرأةٌ
تُعيدُ إليَّ ذاكرتي
تُفَجِّرُ ألفَ بُركانٍ بأوردَتي
تُحلِّقُ في سَما رُوحي
وتُهدي لي مُخَيِّلََتي
وتأخذُني لحِضنٍ يُشبهُ الفِردوسَ
أَعرِفُ فيهِ مَنزلتي
هي امرأةٌ
بها يَمتدُّ تاريخي وأزمنَتي
بها كانتْ بِداياتي
وفيها حُسنُ خاتمتي
***
هي امرأةٌ
مِن الخمرِ المُذابِ تُذابْ
بقلبٍ في هواها ذابْ
وتُلقي لي بأحلامٍ وآمالٍ
وتَفرشُها بساتينًا على الأهدابْ
فواللهِ ..
أنا ما شاهدَتْ عيني لها شَبهًا
وكلٌّ مُدَّعٍ كذَّابْ
هي امرأةٌ
وتُعطيني بلا حَدٍّ ، وتُعطيني ..
بغيرِ حسابْ
هي امرأةٌ تُصحِّحُ ما عَرَفناهُ ..
عنِ العشاقْ
وتُلغي فكرةَ التعبيرِ بالكلماتِ والأوراقْ
وتُدخِلُنا لعصرٍ ما عرَفناهُ
على الإطلاقْ

الرائع : عبد العزيز جويدة

01 June 2008

أحبـــــــــــك



أُحبُّكِ ..
في زَمانِ الخوفِ والغُربةْ
أُحبُّكِ رَغمَ أحزاني
ورَغمَ ظُروفِنا الصعبةْ
وإنْ أصبحتُ لا أهلٌ ولا أحبابْ ...
أراكِ الأهلَ والأحبابَ والصحبةْ
أُحبُّكِ ..
في زَمانِ الخوفِ إيمانًا
بأنَّ الحبَّ يُنقِذُني
مِنَ الطوفانْ
أنا نُوحٌ
وأنتِ سَفينةُ العِشقِ
سَتحمِلُني على الشطآنْ
ومادُمتُ ..
سأرحلُ بينَ عينيكِ
خُذيني يا مُنَى عيني
لأيِّ مَكانْ
وضُمِّيني إلى صَدرِكْ
لأنَّ الخوفَ مَزَّقَني
لأنَّ زمانَنا هذا
يُهينُ كَرامةَ الإنسانْ
أُحبكِ ..
في زَمانِ الخوفِ يا عُمري
ولا أدري لِماذا يا مُنَى قَلبي
إذا ما الخوفُ حاصَرَني
لِصَدرِكِ دائمًا أجري
أُحِسُّ بأُلفةٍ نَحوَكْ
فكيفَ أُلامُ في حُبِّكْ
وقلبي صارَ مِن شَوقي
كَبُركانٍ مِن الإحساسْ
أُحِسُّ بِغُربةٍ بيني
وبينَ الناسْ
أجيءُ إليكِ مُشتاقًا
بأشواقٍ تَفوقُ الوَصفْ
وفي عينيكِ أحرِقُ كلَّ أقنِعَتي
وآخِرَ مُفرداتِ الزيفْ
ولا يَبقَى سِوى حُبِّكْ
جميلاً ساطِعًا .. عُمري
كَشمسِ الصيفْ
فكيفَ أخافُ مِن شيءٍ
وأنتِ الأمنُ لو يأتي
زَمانُ الخوفْ

....

عبد العزيز جويدة

وأسأل نفسي؟


وأسألُ نَفسي :
لِماذا أُحبُّكِ رَغمَ اعتِرافي
بأنَّ هَوانا مُحالٌ .. مُحالْ ؟
ورَغمَ اعتِرافي بأنَّكِ وَهمٌ
وأنكِ صُبحٌ سَريعُ الزَّوالْ
ورغمَ اعترافي بأنكِ طَيفٌ
وأنكِ في العِشقِ بعضُ الخَيالْ
ورغمَ اعتِرافي بأنكِ حُلمٌ
أُطارِدُ فيهِ ..
وليسَ يُطالْ
وأسألُ نفسي لماذا أحبُّكْ
إذا كنتِ شيئًا بعيدَ المنالْ
لماذا أحبُّكِ في كلِّ حالْ
لماذا أُحبكِ أنهارَ شَوقٍ
وواحاتِ عِشقٍ
نَمَتْ في عُروقي وأضحَتْ ظِلالْ
وأسألُ نَفسي كثيرًا . كثيرًا
وحينَ أجَبتُ
وَجدتُ الإجابةَ نَفسَ السؤالْ
لِماذا أُحبُّكْ ؟! "

عبد العزيز جويدة

28 May 2008

إلــى اللقــــاء


يا أصدقاء !
لشدّ ما أخشى نهاية الطريق
وشدّ ما أخشى تحيّة المساء
" إلى اللّقاء "
أليمة " إلى اللّقاء " و " اصبحوا بخير ! "
و كلّ ألفاظ الوداع مرّه
و الموت مرّ
و كلّ شيء يسرق الإنسان من إنسان !
2
شوارع المدينة الكبيره
قيعان نار
يجترّ في الظهيره
ما شربته في الضحى من اللّهيب
يا ويله من لم يصادف غير شمسها
غير البناء و السياج ، و البناء و السياج
غير الربّعات ، و المثلّثات ، و الزجاج
يا ويله من ليلة فضاء
و يوم عطلته
خال من اللّقاء
يا ويله من لم يحب
كلّ الزمان حول قلبه شتاء !
3
يا أصدقاء !
يا أيّها الأحياء تحت حائط أصمّ
يا جدوة في اللّيل لم تنم
لشدّ ما أخشى نهاية الطريق
أودّ ألاّ ينتهي ،
و لا يضيق
و يفرش الرؤى المخصّله السعيده
أمامنا .. في لا نهاية مديده
كأفق قرية في لحظة الشروق
و الأفق رحب في القرى حنون
و ناعم و قرمزي يحضن البيوت
و تسبح الأشجار فيه كالهوادج المسافره
يا ليتنا هناك !
نسير تحت صمته العميق
و نوره المضبّب الرقيق
جزيرة من الحياه
ينساب دفء زرعها على المياه
و لا تملّ سيرها .. يا أصدقاء !
4
اللّيل في المدينة الكبيره
عيد قصير
النور و الأنعام و الشباب
و السرعة الحمقاء و الشراب
عيد قصير
شيئا .. فشيئا .. يسكت النغم
و يهدأ الرقص و تتعب القدم
و تكنس الرياح كلّ مائدة
فتسقط الزهور
و ترفع الأحزان في أعماقنا رؤسها الصغيره
و ننثني إلى الطريق
صفّان من مسارج مضبّبه
كأنّها عندان قرية مخربه
تنام تحتها الظلال
وقد تمرّ مركبة
ترمي علينا بعض عطرها السجين
و ساعة الميدان من بعيد
دقاتها ترثي المساء
و تلتوي أمامنا مفارق ثلاثة ،
تمتدّ في بطن الظلام و السكون
و تهمسون :
" إلى اللّقاء ! "
***
اللّيل وحده يهون
وداعه يهون فالنهار ذو عيون ،
تجمّع العقد الذي انفرط
لكنّ دربنا طويل
و ربّما جزناه أشهرا و أشهرا معا
لكنّنا يوما سنرفع الشراع
كلّ إلى سبيل
فطهّروا بالحبّ ساعة الوداع !

24 May 2008

أرجوكِ ألا تَرحَلي



أرجوكِ ألا تَرحلي
لا تَترُكيني ها هُنا
للشوقِ ، للأحزانِ ،
للبيتِ الخَلي
أنتِ التي أعطَيتِني
أملاً جَديدًا في الزَّمانِ المُقبِلِ
فرأيتُ نورَ الحُبِّ يَسطَعُ بينَنا
شَمسًا ولاحَتْ في سَماءِ تَأمُّلي
ماذا يَقولُ الشعرُ
إنِّي عاجِزٌ
حُبِّي إليكِ يَفوقُ كلَّ تَخَيُّلي
الآنَ أكتُبُ ذِكرياتٍ بينَنا
وعلى السطورِ أرى دُموعَ أنامِلي
إنْ كنتِ قد أنكَرْتِني
فتَذكَّري يومًا
بِرَبِّكِ حاوِلي
فأنا الذي أعطيتُ عُمري كلَّهُ
جَدَّدْتُ عِندَكِ كلَّ شيءٍ مُهمَلِ
ذَوَّبْتُ لَونَ الليلِ كُحلاً رائعًا
وأعرتُهُ إيَّاكِ كي تَتكحَّلي
وجَمعتُ مِن جَفنِ الأزاهِرِ عِطرَها
وأعرتُهُ إيَّاكِ كي تَتجَمَّلي
عندي مِنَ الحبِّ الكثيرُ أُكِنُّهُ
وأخافُ إنْ أعطيْتُ
لا تَتَحَمَّلي

15 May 2008

أنا كنت عيدك

أنا كنت عيـــــدك.
....تنقص نجوم السما أزيدكا
لفجر يغرق أخد بإيــــدك
أجمع سواد الألم فعيني
وأصب نبض الهوا فوريدك
أنا كنت عبدك
فعز ضعفك
وكنت يوم التجلي سيــــــدك
وإذا كفرتي بسحر صوتي
هأغني رغم العطش نشيدك
تنقص نجوم السما أزيدك
الفجر يغرق أخد بإيــــدك
أجمع سواد الألم فعيني
وأصب نبض الهوا فوريدك
تموت آيــــــــات النغم فحلقي
أنطق بسر الحياة أريدك
تكتب سنيني خلاص نهايتي
أنطق بسر الوجود أعيدك
تنقص نجوم السما أزيدك
الفجر يغرق أخد بإيــــدك
أجمع سواد الألم فعيني
وأصب نبض الهوا فوريدك
أنا كنت عيــــــدك..
...وإذا نسيتي هأكون نهايتك
وإذا وفيتي هأكون شهيدك
وكل مأرحل هاتكوني غايتي
وكل مأرجع هأكون وليـدك
تنقص نجوم السما أزيدك
الفجر يغرق أخد بإيــــدك
أجمع سواد الألم فعيني
وأصب نبض الهوا فوريدك

08 May 2008

طريقنا


كنت أشاهده وهو في طريقة كل صباح يتطلع اليها وفي نظرته مزيج عبقري من الإعجاب والحب و الحزن جعل بعينيه بريق قد لا تقف على سره ولكنك حتما ستحتار في تفسيره وتفكر كثيرا فيه
وبنظرة الى هذا المشهد العبقري الذي يتطلع إليه ستشعر بحالة غريبة من الحنين الى الماضي حيث الحياة بسيطة والحب طرح الأرض المستمر يرويه عرق الفلاحين وقطرات الندى ودمعة شوق صبية كتلك التى نراها
تسير بمحازاة الطريق بعودها الطويل الممشوقة وجهها في قبالة قرص الشمس حين تسير متجهة الى الحقل فلا تعرف أهذا الضوء الذي يملأ الدنيا وذلك الدفء الحنون الذي يحيط بها مصدره الشمس حقا أم ذلك الوجه الصبوح ؟
صاحبة الطريق ذات عبقرية الحضور بحياته
حضور لم يكن بقوة الأصدقاء والرفقة إنما هو حضور ذا علاقة بالروح بالدنيا التى يتمناها في عالم الخيال الجميل
كانت خلفية المشهد الرائع من البساط الأخضر إمتداد الحقول المنبسطة ووقفة النخلات ذات الكبرياء التى ترسم حدود هذا الإمتداد كلوحة من أجمل مايكون وعلى البساط ترى شجرة التوت التى تظلل مكان الساقية في مشهد يتكرر عن قرب في أمسيات الماضي القريب فيأخذه الحنين الى تلك الليالي ويقيم مقارنة بين المشهدين فيجد أن روعة الصباح مع هذا الوجه الذي يحبه أجمل بكثير من سكرة المساء في أحضان الساقية فللصباح مزية الشمس بدفئها وإن كان بالمساء يرسم لوجهها القمر صورة لا تفارقه
لا تخالط مشهد الصباح أية أصوات فلا حديث يدور بينها فروعة المشهد تسحب الحديث الى الصمت فيصير أبلغ ولا تسمع إذ رأيت سوى خرير ماء وزقزقات عصافير وحفيف شجيرات الحقول الخضر
وكأنك بالجنة
فمن منا لا يتمناها ؟
ومن منا يستطيع أن يدفع مهر الجنان ؟

05 May 2008

ياجارة الوادي


يا جارة الوادي طربت وعادني ما يشبه الاحلام من ذكراكِ
مثلت في الذكرى هواك وفي الكرى والذكريات صدى السنين الحاكي
ولقد مررت على الرياض بربوة غناء كنت حيالها القاكِ
لم ادر ما طيب العناق على الهوى حتى ترفق ساعدي فطواكِ
وتأودت اعطاف بانك في يدي واحمر من خفريهما خداكِ
ودخلت في ليلين فرعك والدجى ولثمت كالصبح المنور فاكِ
وتعطلت لغة الكلام وخاطبت عيني في لغة الهوى عيناكِ
لا امس من عمر الزمان ولا غد جمع الزمان فكان يوم رضاكِ
كلمات : أحمد شوقي
غناء : فيروز
جمع الزمان فكان يوم رضاكي

03 May 2008

هم أحبابي


لحظات قليلة تلك التي تسبح فيها في نهر الحلم إلا أنها بلا شك أمتع اللحظات ففي دوامة الحياة وصخبها الذي لا يخمد تسير بلا وعي بين أناس صارو أشبه بالآلات والدمى فغابت عنهم الحياة وقليلا ما تظهر على شخصياتهم الآدميه إنسانية البشر
لذلك فكل كاره لها ليس بالضرورة هاربا منها فقط هو نوع من الإبتعاد الإرادي عما يهدد إنسانيتك بالزوال في خضم الماديه الصريحة لدرجة الصدمه ولمن يفعل ذلك كل الحق وله أن يقدر بذاته هذه المزية التى تخلف عنها الكثيرون
ليست الحياة مادة فقط ولسنا كالبهائم نعيش لكي نرصد اللذات والمتع متأهبين للحصول عليها ومن ثم الإحساس الكاذب المخادع الوضيع بالسرور
إنما نحن بشر يحوي صدرنا قلب يأمل طمأنينة الأنس بالأحباب ويتطلع الى نشوة الإيمان وينشد الأمل
نحن نحزن كثيرا إذا طوحتنا الأقدار بعيدا عن آمالنا
يؤلمنا كثيرا أن نصتدم بالحوائط الجامدة التى تأبى أن تلين وتقطر على قلبها بعضا من حبات الندى
يفرحنا كثيرا كلمة تضئ بها لآلئ المحبة والرحمه معطرة بالصدق
يسعدنا كثيرا ترجمات الحب من فعل غاية فى البساطه وعظيما فى القيمة وجليلا في القدر
تعبيرات الأطفال البسيطة
ضحكاتهم البريئة
صوتهم العذب النقي
قبلة تطبعها مريم على الجبين
إحتضان يديها الصغيرتين
نومها الهادئ المطمئن على صدر أمها
كل تلك المشاهد تعيدك الى انسانيتك تجعلك تشعر كم أنت جميل
بعيدا عن هؤلاء الذين يلغون انسانيتهم تكون الحياة ويكون البشر
بعيدا عن الظمأ للمادة والتكالب على المتع
ولتلقى نظرة على هؤلاء اللذين يجعلون من الحياة رحلة استمتاع محض بكل ماهو ملموس لاغين أولى الأولويات في حياة كل إنسان
تربطهم بغيرهم المصلحة الشخصية وفقط وبدونها أو إن انعدم وجودها تلغي الصلات
ستجد أن هذه النوعية أصبحت كثيرة جدا في هذا العالم
ولتنظر هنا الى ذلك البستان الطيب الملئ بالزهور الندية الجميله طيبة العطر رائعة الطلعة
بشر عاديون جدا اكتسبو التفضيل بحفاظهم على انسانيتهم وتمسكهم بقلوبهم وعقولهم
جعلو منها الوسيلة التى بها يتواصلون مع غيرهم
جعلوها مرآتهم وبساطا ممهدا للسير نحو الآخرين
يقدمون الحب عطاءا لكل إنسان رغبة صادقة في الود واتصاله
يحزنون لما لم يعد يحزن أحدا
ويفرحون للبساطة والتلقائية والصدق وما يسعدهم هو أبسط بكثير مما قد يتخيل البعض
بعيدين كل البعد عن التزييف والنفاق
صادقون وذلك سر جمالهم
طيبون وهذا ملمح شخصياتهم
هم أحبابي في هذا العالم
وإن قلوا

27 April 2008

أنا يا عصفورة الشجن


انا يا عصفورة الشجن مثل عينيك بلا وطن
بى كما الطفل تسرقه اول الليل يد الوسن
واغتراب بى وبى فرح كارْتحال البحر بالسفن
انا لا ارضٌ ولا سكنٌ انا عيناك هما سكنى
راجع من صوب اغنية يا زمان ضاع فى الزمن
صوتها يبكى فاحمله بين زهر الصمت والوهن
من حدود الانس يا حلما زارنى طيراعلى غصن
أىُّ وهم عشت انت به كنت فى البال ولم تكن
فيروز

30 March 2008

كيف؟

فكيفَ تظلينَ دونَ اتِّزانْ

ما بينَ شيءٍ

وما بينَ عكسِهْ ؟

وكيفَ تعيشينَ هذا التناقضَ

ما بينَ شيءٍ

و ذا الشيءِ نفسِهْ ؟

وكيفَ الفؤادُ

سيقضي العقوبةَ

بينَ الضلوعِ إلى أن يموتَ

ويرضى بحبسِهْ ؟

شعر : عبد العزيز جويدة

23 March 2008

المرايا .. والحدود الفاصلة


هناك أناس نلقاهم فيحدث بيننا حين نلقاهم شيئا عجيبا ، قد تشرحه على أنه حالة فريدة من الإحساس باللا إختلاف أو درجة عالية من التوحد
هم مرآتنا التى نرى فيها ذواتنا بلا رتوش
وهم إن لم يخني التعبير

ضمائرنا
وقد كان لي نصيب أعتز به من المرايا العاكسه بصورة صادقة لضميري تحول بيني وبين تصديق ماقد تخدعني به ذاتي من الأوهام والأكاذيب
وتمنعني برفق أن أسقط وتنبه في دائما الإنسان
وتوقظ نقاط الجمال بداخلي حيث أراها نوعا بديعا من الحب المتبادل بيننا
حب مرتبط بالسماء يجعلنا ننطق كلما لمسناه يأرواحنا

سبحان اللــــه
تلك كانت مقدمة للحديث عنها وعنه
أما عنها فلا تسعفني لغة أو كلمات إذا ما أردت أن أصفها أو أن أصف مدى حبي وإمتنانى الدائم لها ولا أقنع بالصمت أو الإكتفاء بما قد يفيض به قلبي من حب صادق أو دعاء خالص فقط قناعتي وكفايتي مشروطة لدي برضاها
وسعادتي مشروطة لدي بأن أتيقن أنها بخير حال
أما بلوغ القمة من الرضى والكفاية من السرور والإكتفاء من العمر والحمد إلى الله على إتمام نعمه علي
مشروط بالإطمئنان بأنها قد وصلت إلى ما قد وصفت قبلي
هذا عنها

أما هو فهو قلمي الذي يدهشني كثيرا حين يقف على أسرار الضمير فيسلط عليها الضوء ثم يبرزها صورة أدبية تعجب وتدهش
كيف أتته قدرات العرافين وملكات قارئات الفنجان فيشعر بما يعذبني ويكتب ما إقترفته يداي ويسمع صوت أجاهد أن أكتمه
في رسائلة لي التى سأبدأ بنشرها هنا فى صومعتي قد تلمسون بصمتي في الكتابة وهذا إن لم يكن صحيحا فهو للعجب صحيح لكنه قد فاقني قدرة على التعبير وجمالا في الأسلوب

الكتابه لمن ؟
بعد أن إختفت التعليقات على ما يكتب أبرر لنفسي استمراري في الكتابة هنا بأن تلك صومعتي الخاصة وبقدر اهتمامي بأن أسمع الأصداء التى قد تصدر عن قارئ قرأ أو أحس فعبر عما بداخله
فهذا وإن غاب عن الحضور فلدي ما هو أهم
أن أكتب ماسأحتاج إلى العودة إليه من حين لآخر ليذكرني بعمر عشته وبأيام صاحبتها وبأناس أحببتهم وأحبوني
وفي هذا لدي مايكفي

والآن مع أولى رسائل . . . علي عبد المنعم


الحدود الفاصلة


لم تكفي ابتسامة علي شفتيها لكي تخفي بها كآبتها
وكأنها تأبى أن تسعد
وكأن كيانها يلومها علي تلك الإبتسامة البائسة
***
من يراها ينخدع بها
يظنها تعيش حالة من الزهد والرضا
بل إنها كادت تصدق ... بأن تلك هي فعلا حياتها
فهي تعتقد أنها راضية بما هي فيه
و زاهدة فيما لم تحصل عليه
ولكنها ليست كذلك
***
بل أني أعتقد أن هذا الرضا والزهد ما هو إلا ساتر
ساتر يسدل علي ما هي فيه
فيكون خلفه كآبة وتمرد وقلة حيلة
ليظهر أمامك بهجة ورضا وزهد
***
إنها تحاول ان تبعث البهجة علي حياتها
لأجدها تقف أمام عصفورا جميلاً وقد وضع في القفص
فحالها كحال هذا العصفور
إنك تراه جميل المنظر وكأنه سعيد في زنزانته
ولكن ما أتعس هذا المسكين وهو لا يقدر علي الإنطلاق
إنها تحاول أن تلون حياتها بألوان السعادة
فها هي تخدع نفسها بما حولها من الزهور
ولكني أراها تعيش بين شواهد القبور
***
إني أكاد أرى هذا الحد الفاصل هناك
يفصل بين زهدها وتمردها
يفصل بين قناعتها ورغبتها
فمرة تجد هذا الوجه من العملة واضحاً جلياً
ومرة أخرى تجد الوجه الآخر لها وقد حاولت أن تخفيه
ومرة أخرى تجدها وقد وقفت علي حدها
... أقصد العملة
حيث لا هذا الوجه ولا ذاك
***
حد فاصل ... مثل هذا البرزخ الكائن هناك
البرزخ الذي يفصل بين مياه البحرين
ولا تستطيع ان تحكم علي مياه تلك البرزخ
أتكون عذباً فرات أم هي ملح أجاج
***
ترددت كثيرا ان اصارحها بما هي فيه
وتمنيت كثيرا ان تبصر هي هذا الفاصل
يفصل بين بؤسها لتظهر باسمة
يفصل بين إنكسارها لتبدو شامخة
يفصل بين رغبتها لتظهر زاهدة
***
ولكم تمنيت أن يبصر كلاً منا هذا الحد الفاصل
الذي يفصل بين مياه البحرين
ولكم تمنيت ان يقدر كلا منا علي إزالة هذا الحد
لتمتزج مياه البحرين
وليستفيد كلاً منا من عذوبة العذب ومن ملوحة الملح
لتظهر حياتنا كلها بلون واحد يجمع بين اللونين

22 March 2008

مساء ساحر



وكان ميعادنا الأول في هذا المكان الساحر على الشاطئ في المساء
قدمت لها هدية أسعدتها جدا وفرحت بها كالطفلة الصغيرة
حين تقدمت نحوها كانت لم تزل داخل سيارتها الصغيرة إتكأت بساعدي على نافذتها وملت بوجهي نحوها وهمست بأذنيها بتحية المساء الذي لم يكن هناك أجمل منه .. توقفت مرتبكة على غير العادة ثم ردت التحية بصوت ذا نبرة أعشقها
لم نزل على حالنا نتحدث وبلكنة حديثها كنت أذوب مع كل حرف تنطقه

15 March 2008

وعجبي



.. دي مزكرات و كتبتها من ســـــــــنين
في نوتة زرقا لون بحور الحنيــــــــــــن
عترت فيها .. رميتها في المهمـــــــلات
وقلت صحيح أما صحيح كلام مخبولين

14 February 2008

أحبك أكثر


تكبّر.. تكبرّ!

فمهما يكن من جفاك

ستبقى، بعيني و لحمي، ملاك

و تبقى، كما شاء لي حبنا أن أراك

نسيمك عنبر

و أرضك سكر

و إني أحبك.. أكثر

يداك خمائل

و لكنني لا أغني ككل البلابل

فإن السلاسل

تعلمني أن أقاتل أقاتل

.. أقاتل لأني

أحبك أكثر!

غنائي خناجر ورد

و صمتي طفولة رعد

و زنيقة من دماء فؤادي،

و أنت الثرى و السماء

و قلبك أخضر..!

و جزر الهوى، فيك، مدّ

فكيف، إذن، لا أحبك أكثر

و أنت، كما شاء لي حبنا أن أراك:

نسيمك عنبر

و أرضك سكر

و قلبك أخضر..!


وإنّي طفل هواك

على حضنك الحلو

أنمو و أكبر

محمود درويش

13 February 2008

الطريق . . 16


عيب خطير أن تصدق كل مايقال لك
وعيب أخطر أن تثق فيما يقال
فنحن الآن نعيش زمن الإدعاء والكذب أو بلغة أكثر وضوحا التمثيل
ليس هناك شخص يقابلك إلا ويرتدي قناعا قد تبصر منه بعض الحقيقة
لكن بكل أسف معظمة غير الحقيقه
في كل يوم تلقى أشخاصا وتتحدث إليهم وبكل معالم وصور وأشكال الصدق يحدثوك
بل ويحاولوا أن يقنعوك
بما هو ليس فيهم وماهو بعيد كل البعد عن قناعاتهم وحقيقتهم
على الرغم من أن الحقيقة كثيرا جدا ماتكون جميلة
وما نقنع به ونؤمن ليس عيبا
وحتى إن كان كذلك هذا ما نقتنع به فليس لأحد حق التدخل
إلا بنصيحة أو محاولة إقناع مع الرضى بنتيجتها مسبقا
نحن لا نؤمن بالحريه
ومع ذلك نطلبها!!!!؟
.
لقد أصبح الخوف أحد مقدسات أخلاقنا كعرب يمنعنا من أن نصرح ونعلن جمال الحقيقة
أو قبحها
الأعجب من هذا كله أنك تصدق إدعاءات غيرك ومن الممكن أن تقتنع أيضا
بأنها حقيقة
لا نتعلم الدرس مطلقا
أتراه درس بغيض أن نتعلمه ؟
أعتقد أنه كذلك
لأننا لو تعلمناه ستصير كل أحاديثنا مع أنفسنا وفقط
وثقتنا فيها وفقط
وسنبتعد كل البعد عن البشر بكل من حولنا
لكننا جميعنا ممثلون بإجادة وقدرة عجيبة في الخلط بين الكذب وبعضا من الصدق
أين الحقيقة فيما نسمع وأين الصواب وأين النور؟
لقد أعمى عيوننا وقلوبنا هذا الظلام المطبق المخيف الذي يعرش على أيامنا
ملعون يا كذب
وملعون يا خوف
وملعونة دنيا الزيف
قال لي أخي يوما من الأيام : الصادق في قوله وإن صدمك صدقه أو كان بشعا
عليك أن تحترمه يكفي أنه لديه الجرأة التى جعلته يترك أمرا لن يكلفه شئ ليبرئ ساحته ويظهر في عيونك قديسا
وهو أن يدعي غير الحقيقه
.
ملحوظة
القديس خاطئ قد تم تصحيحه وأعيد طبعه