28 January 2008

الطريق ... 15



فكر صاحبنا كثيرا في حل يريح قلبه ويحقق مناه بالقرب ممن يحب وليس كل قرار يأتيك بعد تفكير هو قرارك الصحيح
وفي خضم التفكير الذي يفتك بخلايا العقل في الحل وفي المستقبل في الحياة العملية وفي التطلع لإصلاح بعض أخطاء الماضي وبناء حياة بشكل جديد ومن منظور أرقى
وجد الأمل يحتضنه من جديد ويخرج من دائرة العاطلين بحصوله على عمل وتنتهي تبريراته التي تقنعه بالتخلي عن الأمل في الوصول إلى مناه
انتهت حجة المادة وبدأ يفكر في المشكلة الأكبر حيث الصراع مع الزمن ومع من يعيشون بهذا الزمن بأفكارهم التي قد تحطم طموحه وتطرحه أرضا والتي قد تكون هي نفسها مقتنعة بها
ويعود مرة أخرى لدائرة الخوف من التصريح بحلمه أمام أي إنسان فاحتفظ به داخله ولكم أن تتخيلوا الضغط الذي عاناه وهو بين حجري الرحى وحده
كانت أصعب الأوقات التي مر بها تلك الأيام التي سبقت سفره إلى خارج البلاد مخلفا حلما هده مجرد التفكير في أنه قد يضيع بلحظة وعانى أمر المعاناة من تصرفاتها الغاية في الرقة والحنان معه حيث بها تزداد لديه قدرا وتزرع بنفسه ألما وخوفا
فعل جميل وكلمات طيبه وإحساس عجيب وغريب به ومردود متناقض يتكون بداخله وهي أبعد ما تكون عن استيعاب ذلك كله
كل الطرق التي توصل إلى الغاية
مغلقه
والتصريح المباشر بحلمه لشريكته في الحلم
مستحيل
لأن احتمال ضياعها منه
أو حتى تغيرها معه
نهاية له
فآثر الصمت
وانتهى
إلى حالة أشبه بحالة طفل أمه الحبيبة حبيسة حجرة تلزمها ليل نهار وحوله زوجات أبيه يتمتعن بالحركة ويحاولن أن يكن له أمهات بديلات وهو يحاول أن يرضى لكن صوت أمه وباب حجرتها المرصود يحول بينه وبين الرضا
إلا أن واحدة فقط من زوجات أبيه يشعر لديها ببعض الراحة ويحبها فكانت ملاذه دائما في لحظات الضنك وخيبة الأمل وكانت حجرتها بجوار حجرة أمه الموصدة فكان يحب دوما أن يكونا معا بها يأنس بصوت صلاة أمه ويحاول أن ينهل مما قد تمن عليه به زوجة أبيه من حنان وحب يرتجيه
كان هذا مبلغ أمله وكل طموحه بعدما كان
لكن الأقدار أبت أن تنعم عليه بما تمنى
فبينما هو جالس مع زوجة أبيه يأنس بحديثها ويحاول أن يقنع نفسه في الظلام بأنها أمه
يحاول دائما وبإصرار أن يجعلها تحبه ويتمنى أن تقتنع تماما بأنه ولدها الوحيد
فجأة تغيرت ملامحها حين أحست منه تلك الرغبة في أن يكون لديها محل الابن الوحيد فخافت وانهار كل شئ
طردته من حجرتها معلنة غضب القلب والرب
وبات بعيدا عن ما صبر به قلبه من القرب من حجرة أمه الحبيبة
وبقي بركن الدار حزينا موجها ناظريه صوب الغرفتين المتجاورتين وفي يده سكين حاد يعض عليه
فتسيل الدماء من فمه الصغير وهو لا يشعر
وتمر أيام حالكة الظلام يعاني بها مرارة التخبط بين الأمل واليأس وفي كل لحظة تمر عليه يتمنى أن يفقد الأمل وأن ينسى لكن الذاكرة تأبى أن تسقط إذ كيف ينمحي الأمل و أمه لم تزل حبيسة الغرفة والغرفة قابعة أمامه غارقة في الظلام وكيف ينسى وزوجة أبيه تمنية بنظرة أو التفاتة يفهم معناها بين حين وآخر أو كلمة رقيقة كطعم مسموم يقربه صياد لا يبغي الصيد بقدر ما يبغي القتل لسمكة ضعيفة لا تبصر يهديها لطريقها حواس أخرى
ومع طول التخبط وكثرة الألم يكاد تتحرك في رأسه فكرة طرأت عليه يوم طردته زوجة أبيه من حضنها الدافئ ومأواها القريب من أمه الحبيبة أن يهجر البيت متخلصا من كل ذكرى مؤلمه حاصرته متخليا بمحض إرادته عن كل من أذوه ويؤذوه بقصد أو بغير قصد
كان هذا قراره الذي تمنى تنفيذه لولاها
لولا صلاتها التي يعشقها عشقه للحياة
لولا غرفتها التي هي كعبته
ولولا وجودها الذي يستمد منه البقاء

بقدر ما أتعبته ليال الغربة بقدر ما علمته أن الصبر حين ترتضيه قانعا هو الحل السحري لمصائب الحياة ولو عظمت وأن محبة الناس للإنسان شئ جميل حيث تمنحه الرضا وحب النفس البعيد عن الأنانية وأن إسعاد الآخرين له فرحة تتمناها القلوب وأن رضا الأهل ودعاؤهم خير لا يعلمه الكثيرون وأن الصواب والحق وصحيح الأمور يطرد مادون ذلك ويبقى وأن الأمل خير زاد والإيمان أعظم النعم
فلله الحمد رب السموات والأرض ورب العرش

..............................

ملحوظة

إن ما كتب ويكتب هنا في سلسلة الطريق هو كما كتب من قبل في سلسلة حوار عند الساقية خليط بين الحقيقة والخيال وأغلبه تخيلات

4 comments:

Anonymous said...

نحن فى الإنتظار

بس لما الإنسان يحتاج لوجوده مع أمه فالأفضل له إنه يحاول يختزل مشاعره لأمه وبس حتى لو لسه مش متأكد إنها هى دى لحد مايتأكد

go on

الملاح التائه said...

مافيش مجال ياعزيزتي لاحتمالات عدم التأكد
قضي الأمر
وقد قضى الله بما هو خير
فثقتنا في الله عز وجل تجعلنا دائما راضين بحكمه سبحانه وتعالى
وفي عوضه لنا بخير مما احتسبناه لديه
خالص شكري على تعليقك
ولك مني أرق التحية

عاشقة الوطن said...

يمكن فعلا الواحد بيحاول يدور على بديل للغرفة المقفولة واللى فيها امه الحقيقية بس لما يلاقي ان مفيش امل انها تتفتح بيدور على حاجة تانية تشبه الحاجة الاولانية

هو كده

الملاح التائه said...

والله برافو عليكي
صح
هو كده
بس ياترى هل ممكن يشعر بالرضى رغم وجود الغرفه المغلقه ؟
عن نفسي أعتقد إنه وارد