ن ننسب أسباب أخطائنا إلي غيرنا لكي نبرئ ساحاتنا ونلقي شبح المسئولية الضميرية من على صدورنا وهكذا نريح ذلك العضو المعذب بداخلنا المسمى بالضمير ، لكن ... مقدار النفع رغم ثقل وزنة ضئيل
فراحة الضمير ليس بعدها علاج للخطأ وتصحيح للمسار وتلبية دافع ملح ينادي باستمرار
بأن عاقبوا المخطئ الحقيقي حتى يستريح المتهم زورا بالخطأ
وتلك هي المأساة الحتمية والتى لا يتحمل مسئوليتها فرد على الإطلاق
هي جريمة بغير متهم رغم حضور كل أطرافها و حكم غيابي على حاضر ومع وقف التنفيذ وبدون علم المتهم ومع بقاء الظلم واقعا على المجني علية
هل رأيتم ذلك من قبل ؟
أنا واثق من أنكم جميعا رأيتموه وعشتوه وإنتابت عقولكم حيرة لكنها امور نسبية فمدي ما يترسب في قلوبنا من مرارة بكل تأكيد مختلف في مداه وعمقة وتلك رحمة من الله
شئ آخر في هذه القضية مثير للعجب
وهو أن المجني عليه يحب المعتدين وهم أيضا لا شك يحبوه فإذا ماتدخل فى القضية سقراط أو أرسطو كمستشارا يقف على حل اللغز ويتعقب خيوط الجريمة ويتتبعها الى أن يصل الى المصدر، هدمنا بعضا مما إتفقنا عليه سابقا وبات المجني عليه جاني والمعتدون في ساحة البراءة يطلبون حقا من معتد أشد بطشا وظلما يطلب هو بالتبعية تدخل المستشارون في القضية لمزيد من البحث والتمحيص
فتنقلب الأوضاع وتتشابك الأطراف وتتوه هيئة المحكمة في ظلام متشعب متغلغل لايبشر بظهور دليل أو رؤية حقيقة ثابته
شئ واحد يخرجنا من هذه الأزمة هو أن نحاول صادقين أن ننساها وقد فعلت ذلك هي أو هي قد غيرت نظرتها نعم هي غيرت نظرتها في القضية وللقضية فانقلبت من ساخطة الى محبة ومن بشعه الى رقيقة ومن مظلومة ومتهمة غيرها بالظلم والتقصير الى مسالمة وادعة أما أنا فلم أفطن الى هذا الحل فى ذلك الوقت فظللت أنتظر الحكم في قضية بلا قاضي أو كما وصفتها سابقا ومع طول الإنتظار وإقتراب لحظة التحول كانت حياتي في مرحلة الإنتقال السلمي الذي لا أدعى أنه سلم من الخسائر لكنه أيضا أفادني كثيرا فاهدانى بمزية غيرت شيئا بداخلي في إعتقادي أنه للأفضل ويخص تكويني العقلي والفكري
أما العاطفي والحسي ففيه كانت الخسارة التى ترسبت فى الأعماق تاركة ماتلمسونة دائما في ما أكتب من حزن لا تعلمون سرة وبيدها هي فقط أن تداوية وتمحو أثرة من أعماق القلب فتبتسم الحياة من جديد وتشرق شمس الأمل منادية للسعادة والحب الصادق فيلبون ندائها رحمة بي
أقول أن هذه الرغبة وهذا الشئ المفقود شكّل وما زال معاناة لدي تنتظر أملا من الرحمة أن يتحقق فإذا ما أبى أن يصير واقعا لا قدر الله ذلك فسوف يبقى الملاح تائها ضائعا يعاني وحده مالا يفهمه المحيطون به والمدعون لمحبته
وبعيدا عما سبق وعن القضية المحيرة والحل الرائع المسالم
هناك كثير من القضايا معلوم جيدا أطرافها ومعروف فيها من الجاني ومن المجني عليه وهاهو القاضي يدخل قاعة الحكم ويجلس في شموخ على كرسية الفخم يحيطه مستشاروة ويبدأ بتلاوة الحكم فى القضية مستبعدا عين الرحمة من صدر العدالة فيحكم بالعدل بعقاب قاسي لا يتوافق مع حجم الجرم وأيضا لا يعدل بين المتهمين فى توزيع العقاب ، ذلك النوع من القضايا يدعونا الى التفكير في شخصية القاضى وأن نتأملها جيدا!؟
...
يتبع