24 August 2007

الطريق 3



أن تعيش الحياة بطول زمنها وباختلاف أحوالها

أن تعاصر أحداثا

وأن تقابل أشخاصا

وتجعل ذلك يمر عليك دون أن تتوقف لتسأل ؟ وتفكر ؟ وتبحث ؟

فأنت إنسان محظوظ لم يشأ الله أن يعذبك مثلي ومثل غيري ويشقيك بالبحث ويحملك عناء السؤال

أنت تعيش وترى
لكنك سعيد لأنك لا تفكر

هادئ النفس لأنك لا تبحث

مرتاح البال لأنك لا تسأل
ولو أنك إستطعت أن تمحو ذكريات الماضي وتودعها صندوقا فتغلقه عليها وتلقي به في البحر فانت محسود من أمثالي
فأمثالى يستدعون الذكريات دائما ويفردوها على طاولة معدة خصيصا للقيام بعملية خطيرة أشبه ماتكون بعملية التشريح للجثث والجثة فى هذه الحالة هي ماضيك
وماضيك هو أنت
ذكرياتنا الجميلة كالفاكهه الطازجه لها أوانها الذي تظهر فيه فيسعدك حضورها
والذكريات المرة كعلبة الدخان في جيبك فقط ما عليك إلا أن تمد اليها يدك فتجدها طوع أمرك
حضور الذكرى له مبرراته
لكن الأسرع فى تلبية الأمر هي كل ذكرياتنا الحزينة
تذكر أول يوم لك فى المدرسة لأنك بكيت فيه وتذكر يوم جئت الى البيت فلم تجد أمك لأنك فزعت وحزنت لذلك وتذكر أيام الجنائز ومنظر القبر ووجوه الموتى لأن الحزن في قلوبنا يثبت أقدامه بسرعة ويبقى أثرة طويلا طويلا
من عادة الذي يفكر أن يأخذ منه التفكير مزية الإنتباه لمحيطة وأحداثه وأن يبقى بطيئا في ردة فعلة أو تلقائيا لأنها إما أن تصدر بعد تفكير وتأمل أو تصدر عن لا عقل وبتلقائية

وتلقائية الفطرة لا تلقى دائما ترحيبا بل تلقى إستهزاءا وسخرية وفي أفضل الأحوال تلقى تعجبا وإندهاشا

فما بين ساخر ومندهش وهم الأغلب وما بين محب لأنه فهم وهم القلة النادرة أسير في الطريق
وفي الطريق التقينا فتلازم سيرنا جنبا الى جنب نمر بالأحداث فيتفكه بها ويتندر ويبتهج ضاحكا ساخرا وأفكر فيها وأتأمل ومن سحر سخريته أستشف حقيقة المهزلة التى قدر لنا أن نعيشها

ألقاه ذات يوم فأبتسم فيصيح ضاحكا ويحكي نوادر عن الصحاب وما فعلو ونقرر ذات يوم أن نسخر من المهزلة وندع الجد للمجدين

تلك رغبتي وهذا ما تمناه هو

فالتذهب الحياة الجاده اللى الجحيم وهيا بنا نضحك

كنت حريصا بعدها على أن تصبح الضحكة محور لقائنا وكنت دائما أتمنى ألا أفارقة

وجدنا أن في حضرة العلم والمعلم تصبح النكتة لذيذة والسخرية ممتعه لأن المهذلة تستحق ذلك ولأن الخطأ يعاند الصواب ويسخر منه ويخرج لنا لسانه
هيا بنا نسخر من الخطأ ولا نعطية الفرصة لكي يغيظنا ويتعب قلوبنا ولنبتهج يا صاحبي
مثل الشيخ حسني في فيلم الكيت كات الأعمي الذي يري عيوب المبصرين كفيف لكن نور عقلة بدد ظلام عالمه بائس لو ترك للخطأ فرصة السخرية من الصواب اللذي يبصرة ولا يبصرة الأسوياء المبصرين لتعذب وإكتأب ومات
لكنه علمنا أن نسخر من المهزلة
فالمجتمع كله مهازل ألا ترى معي ألا تعي أن الخطأ فيه يطرد الصواب وأن الحقيقة إحتل مكانها الوهم وأن الفطرة بات الزيف والنفاق اظهر منها وأقوى

يفعل فلان مانعلم جيدا إنه خطأ وفلان قدوة

تدعي فلانه أنها بريئة طاهرة ونعرف أنها أبعد ما تكون عن الفضيلة

ويقولون ان هذا هو الصحيح ولكن العقل يرفضه ويأبى تصديقة

يجبروك أحيانا أن تفعل ما أنت غير مقتنع به ويقولون لا تعاند ولا تصر على غبائك

ثم تكتشف أنك كنت على حق وأن ما طالبوك به هو الخطأ وهو عين الزور

لوثنا المجتمع وخلط بين موازين الحق والباطل فى وقت كنا أضعف فيه من أن نقاوم ونرفض ونقرر حقيقة الحق ونبطل زور الباطل

فاخترنا ان نسخر من تلك المهزلة
حين تقف الطبيعة ضد الطبيعه تحدث أزمة وما حدث لنا كذلك عاند التمرد والميل للسخرية وغرام الإستكشاف وتلك طبيعه بداخلنا ، الخوف من العقاب ومن العواقب فتغرينا تجربة ونتأهب للخوض فيها بكل حماس وحين تظهر عقبة ويلوح في الأفق عقاب نتراجع

الا مرات قلائل كان اغراء التجربة أقوى ومتعتها أكبر وتستحق أن نتحمل في سبيلها اى عقاب خاصة حين تكون قد شغلت حيزا كبيرا من تفكيرنا وألحت علينا وكانت سببا في حل لغز والوقوف على سر

يتبع

14 comments:

ahmed mefrh said...

احب ان اترك بصمتى فى تلك المدونه الرائعه

الملاح التائه said...

ابو مفراح
أشرقت الأنوار
ويسعدنا تشريفك لتلك المدونة المتواضعة الفقيرة الإفادة لعالم المدونين
تقبل تحياتى وحبي

شيماء الجيزى said...

ملاحى

مررت كثيرا لاقرأ ما كتبه شبيهى
فوجدتك تصف الطريق
ولا يبتعد عن طريقك الحزن ابدا

ملاحى

سأعود دوما الى مكانى المفضل
سأعود لاتعلم وارى النور فى كلماتك
فانت تعلم جيدا
انها كثيرا ما تكون نور دربى


.................

حقيقة لا اعلم لما اكون هنا فى منتهى الثقافيه والادبية
والحكمة العقلية

ما الاحجية التى تضعها فى هذه المدونة؟

تحياتى يا تؤام الكلمِ

الملاح التائه said...

شيماء
كم أنت جميلة يا صديقتي
وكم تسعدني كلماتك
فلا تبخلى على مغترب فقير مثلى
بهذا الإحساس

soosa el-mafroosa said...

اسلوب راقي حقا

عاشقة الوطن said...

السلام عليكم

ازيك ياملاح
يااااااه على الطريق
طريق صعب
طريق فيه اكيد الحلو زى الوحش
بس طبعا مفيش حد هيقدر يعيش من غير ما يفكرليه وازاى
وتسأل

الحياة ديه غريبة
سبحان الله


كمل طريقك ياملاح
احنا فى الانتظار

تحياتى الشديدة على البوست الرائع جداا

حبيبة الرحمن said...

ايها الملاح الموهوب

كلما اقرأ لك موضوع جديد يجذبنى ان اتابع مدونتك دائما

لا أدرى لماذا ؟؟

هل هو مدى وصفك للحياه الواقعيه التى نمر بها ام لان غالبية الذى يحدث فى طريقك يشابه طريقى ام جمال الاسلوب وروعة وموهبة الكلمات
واخيرا اقرر ان سبب انجذابى لقرائة هذه المدونه كل ما ذكرته

فى البوست ده انا من الناس اللى انت ذكرتهم تلقائيه وفى نفس الوقت كثيرة التفكير ونفس مشكلة الذكريات اللى ذكرتها والسخريه


معلش انا طولت عليك بس انا رديت فى مدونتى على تعليقك وسألتك سؤال يهمنى اعرف ردك عليه

استمر .... منتظرين باقى الطريق يا موهوب

حياة الأحلام said...

الطريق طويل وكل واحد طريقه طويل زى التانى بس بيختلف فى المسار
بس عندك حق فى موضوع الذكريات لآن أذا كانت لك ذاكره قويه وزكريات مريره فأنت أشقى أهل الارض
ربنا ينولنا نعمه النسيان
وفعلا الناس هى اللى لوثت المجتمع والمفاهيم بقت كلها غلط فى غلط بس فيه أمل لو كل واحد غير من نفسه
مستنين بقيت الطريق
وشكرا لتعليقك فى مدونتى المتواضعه

الملاح التائه said...

soosa el-mafroosa
أنت الأرقي والأجمل
وزيارة طيبة
نتمنى أن تتكرر كثيرا
دمتى بخير

الملاح التائه said...

عاشقة الوطن
أصعب مافي الطريق
هو مافيه من ذكريات مؤلمة
ووحشة مفزعة
وأجمل مافيه
أننا تلقى فيه أناس يحبوننا
كما قلت سابقا
يعلموننا الحياة
فبهم وحدهم يصبح للطريق قيمة
دمتى بخير

الملاح التائه said...

kitty
ممنون جدا لكلماتك التى هي كثيرة حقا على ما أكتبه فما أكتبه مجرد حيرة وتساؤلات ترجمتها لكلمات قد ترونها غامضة لكنها أنسب أسلوب يعبر عن الحيرة وعن التساؤل
صدقيني يجب أن يراجع كل منا طريقة من جديد
أن يعيد على نفسه الدروس
المؤلم منها وماهو غير ذلك
حتى لايضيع العمر سدى
وسؤالك جوابه معروف رغم صعوبته
تحياتى

الملاح التائه said...

الحمد لله يا حياة إن أنا فعلا ذاكرتي مش قوية
ولله الحمد أيضا أن عقلي لا يتوقف عن التأمل والتفكير
تضاد وتناقض يثير المشكلات لدي دائما
لكن يبقى ماقولت ياصديقتي الحالمة يشعل ثورة داخليه لدي
هو تغيير النفس بعد طول جمود ومكوث على التفكير وفقط والتأمل وفقط والرغبه وفقط
لكن التغيير او محاولة التغيير
لا تتعدي كونها حلما جميلا
يا حياة الأحلام
دمتى رقيقة

nehad said...

صديقى الملاح

اعتذر مبدئياًعن التاخير فى التعليق
وأرجو منك ألا تتوقف عن كتابة فصول الطريق

طريقك هذه المره طريق مختلف أراك فيه حائرا فى ماضى تذكر ما فيه أكثر ما تذكر حاضرك
أعتب عليك فى بحثك عن صندوق لتودع فيه ذكريات ماضى ورغم بحثى معك عن هذا الصندوق فى بعض الاوقات الا اننى أعود مسرعة الى هذا الماضى حتى وان كان مؤلما لأرى منه بعض الأمل بأن الأفضل آت وأن ما كان لا يمكن أن يكون ثانيا مثلما كان
لا تودع ماضيك فى صندوق تغلقه وتلقيه فى البحر بل أبقيه معك لتفتحه بين الحين والآخر وأتمنى عليك ألا تضع فيه فقط ما لا تريد أن تتذكره بل ما تريد أن تتذكره أيضا لانه ماضيك بحلوه ومره ولا أرضى لك ان تكون بلا ماضى

صدقت فى قولك ان من عادة الذي يفكر أن يأخذ منه التفكير مزية الإنتباه لمحيطة وأحداثه وأن يبقى بطيئا في ردة فعلة أو تلقائيا لأنها إما أن تصدر بعد تفكير وتأمل أو تصدر عن لا عقل وبتلقائية
وتلقائية الفطرة لا تلقى دائما ترحيبا بل تلقى إستهزاءا وسخرية وفي أفضل الأحوال تلقى تعجبا وإندهاشا
حقيقة لا اجد لهم ردا من يسخرون من طريقة تفكيرنا واستهزائهم بالفطره فى ردود أفعالنا وقد تعجب عندما اقول لك اننى تنتابنى حالة صمت دون كلام محاولة منى للبحث عن إثم لم اقترفه

ما كتبته يفتح الكلام عن الكثير والكثير مما نقبله ونرفضه
مما نتمناه ونخشاه
مما ننتظره وهو القادم البعيد
منتظرين بقية فصول الطريق

أسمح لى أن أرفع لك القبعه على طريقتك فى كتابة الطريق

الملاح التائه said...

أرضى لك ان تكون بلا ماضى
..
صدقت عزيزتى
فمن ليس له ماض ليس له مستقبل
هو ثراثنا فى الإنسانية
..

حقيقة لا اجد لهم ردا من يسخرون من طريقة تفكيرنا واستهزائهم بالفطره فى ردود أفعالنا وقد تعجب عندما اقول لك اننى تنتابنى حالة صمت دون كلام محاولة منى للبحث عن إثم لم اقترفه
.............
وأنا أيضا لكن صمتى صمت غضب يدمر ما بداخلى
..

أسمح لى أن أرفع لك القبعه على طريقتك
فى كتابة الطريق
.....
وإسمحي لي أن أنحني إحتراما وحبا لشخصك الجميل
دمتي راقية رقيقة